للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبض الحقيقي والحكمي: قواعده وتطبيقاته

من الفقه الإسلامي

إعداد

فضيلة الشيخ نزيه كمال حماد

أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله بكلية الشريعة

جامعة أم القرى

بسم الله الرحمن الرحيم

القبض في اللغة:

١- القبضُ لغةً: هو تناولُ الشيءِ بجميع الكفَّ. ومنه قبضُ السيفِ وغيره. ويقال: قَبَضَ المالَ؛ أي أخذه بيده، وقَبَضَ اليدَ على الشيء؛ أي جَمَعَهَا بعد تناوله، وقبَضَها عن الشيءِ؛ أي جَمَعَهَا قبل تناوله، وذلك إمساكٌ عنه، ومنه قيل لإِمساك اليد عن البذل والعطاء قَبْض.

ويستعار القبضُ لتحصيل الشيء، وإن لم يكنْ فيه مراعاةُ الكفّ، نحو قَبَضْتُ الدار والأرض من فلان؛ أي حُزْتُهَا. ويقال هذا الشيء في قَبْضَةِ فلان؛ أي في ملكه وتصرّفه.

ويقال: قَبَضْتُهُ عن الأمر؛ أي عزلته. وتَقَبَّضَ عنه؛ أي اشمأزّ. وقد يكنّى بالقبض عن الموت، فيقال: قُبِضَ فلان؛ أي مات. فتجوّزوا بالقبض عن الإِعدام، لأنَّ المقبوضَ من مكان يخلو منه مَحَلّه، كما يخلو المحلُّ عن الشيء إذا عُدِم (١) .

القبض في الاصطلاح الفقهي:

٢-لا خلاف بين الفقهاء – على اختلاف مذاهبهم – في أن القبض عبارةٌ عن حيازة الشيء والتمكن منه، سواء أكان مما يمكن تناوله باليد أو لم يكن (٢) . قال الكاساني: ومعنى القبض هو التمكينُ والتخلي ارتفاعِ الموانع عرفًا وعادةً حقيقةً" (٣) . وقال العز بن عبد السلام: "قولهم قَبَضْتُّ الدار والأرضَ والعبدَ والبعير، يريدون بذلك الاستيلاءَ والتمكنَ من التصرف" (٤) .

٣- وبالنظر إلى القبض في معناه اللغوي وفي معناه الاصطلاحي نلاحظ أنَّ بينهما نسبةَ العموم والخصوص المطلق، لأنَّ القبضَ يستعمل في اللغة لتحصيل الشيء وإن لم يكن فيه مراعاةُ الكفّ – وهو معناه الاصطلاحي – ويستعمل أيضًا لمعانٍ أخرى. فكان كلُّ قبضٍ بالمعنى الاصطلاحي قبضًا بالمعنى اللغوي ولا عكس، إذ الأخصُّ يستلزم دائمًا معنى الأعمّ ولا عكس.


(١) انظر مادة قبض في الصحاح للجوهري: ٣/١١٠٠، مفردات الراغب: ص ٣٩١، بصائر ذوي التمييز: ٤/٢٨٨، المصباح المنير: ٢/٥٨٧، معجم مقاييس اللغة: ٥/٥٠، المغرب للمطرزي: ٢/١٠٧، وانظر الإِشارة إلى الإيجاز للعز بن عبد السلام: ص ١٠٦.
(٢) انظر القوانين الفقهية: ص ٣٢٨، البهجة شرح التحفة: ١/١٦٨، ميارة على العاصمية: ٢/١٤٤، حدود ابن عرفه وشرحه للرصاع: ص ٤١٥، شرح مرشد الحيران للأبياني وسلامة: ١/٥٨.
(٣) بدائع الصنائع: ٥/١٤٨.
(٤) الإشارة إلى الإيجاز للعز بن عبد السلام: ص ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>