للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها

إعداد

سماحة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي

مفتي جمهورية مصر العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ومن والاه.

وبعد: فلعل من المناسب قبل أن أتكلم في الموضوع الذي اخترت الكتابة فيه، وهو: " التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها "، أن أعرض الحقائق التالية، التي أرجو أن تكون محل اتفاق بيننا ألا وهي:

أولاً: إن من شأن العقلاء في كل زمان ومكان، أنهم يتحرون الحلال الطيب، في جميع تصرفاتهم ومعاملاتهم. امتثالاً لقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) } [سورة البقرة]

واستجابة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح الذي أخرجه الشيخان عن النعمان بن بشير – رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله صلى الله علية وسلم يقول: ((إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما شبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه. ألا وأن لكل ملك حمى. ألا وإن حمى الله محارمه. ألا وإن في الجسد مضغة. إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) .

ثانيا: إن من شأن العقلاء – أيضاً - أنهم إذا ناقشوا مسألة فيها مجال للاجتهاد، بنوا مناقشاتهم على النية الطيبة، والكلمة المهذبة، وعلى تحري الحق والابتعاد عن التعصب، وعن الحكم بالهوى وعن سوء الظن بلا مبرر.

ولقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم الذين يجتهدون – فيما يقبل الاجتهاد من الأمور – بنية طيبة، بالأجر الجزيل. فقال في حديثه الصحيح: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد)) .

والأمم السعيدة الرشيدة هي التي يكثر فيها عدد الأفراد الذين يتعاونون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.

أما الأمم الشقية الجاهلة فهي التي يكثر فيها التنابذ والتراشق بالتهم بدون دليل أو برهان.

ثالثاً: إن الكلام في الأحكام الشرعية بصفة خاصة، وفي غيرها بصفة عامة، يجب أن يكون مبنياً على العلم الصحيح، والفهم السليم، والدراسة الواسعة الواعية لأصول الدين وفروعه ولمقاصده وأهدافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>