للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقود وتقلب قيمة العملة

إعداد

د. محمد سليمان الأشقر

بسم الله الرحمن الرحيم

النقود هي ما اتخذه الناس وسيطا للتبادل، ومخزنا للقيم، ومقياسا للأسعار. وكان الذهب والفضة رأس النقود منذ حقب متطاولة في التاريخ لما تميز به هذان المعدنان من ثبات القيمة وعدم التعرض للتآكل وعدم التأثر بالمؤثرات الجوية ونحوها.

وقد خصهما النبي صلى الله عليه وسلم من بين سائر المعادن بأحكام منهما:

١ – أنه حرم استعمالهما كآنية للشرب أو الطعام، وفي ذلك توفير لهما لاستخدامهما أثمانا.

٢ – أنه حرم استعمال الذهب كحلى للتزين، وفي ذلك توفير لثمنيته كذلك. واستثنى النساء لحاجة المرأة للتزين.

٣ – أنه أوجب الزكاة في أعيانهما إذا بلغا نصابا. واعتبر الشرع من لم يخرج الزكاة منهما كانزا يستحق العذاب بهما يوم القيامة. وفي إيجاب الزكاة فيهما تحريك لثمنيتهما، حتى يتداولا في الاستعمال تحصيلا للربح، وإلا أكلتهما الزكاة مع السنين.

٤ – وأنه حرم المراباة فيهما تبعا للنص القرآني، والربا فيهما هو بيع الذهب نسيئة في العوضين أو في أحدهما، أو بزيادة أحد العوضين ولو مع الحلول، وكذلك الفضة بالفضة، وحرم بيع الذهب بالفضة نسيئة كذلك. وحرم الإقراض بزيادة على الأصل في الذهب والفضة (وسائر الأموال) .

ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نص صريح خاص يدل على إيجاب الزكاة في (الفلوس) ، وهي ما اتخذ ثمنا من سائر المعادن، ولا نص كذلك يمنع التفاضل أو النساء في بيعها، ولا أوجب فيها الزكاة، مع أن في السنة النبوية والسيرة النبوية مواضع تدل على أن الفلوس كانت مستعملة في عهده صلى الله عليه وسلم.

من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. قال ليس ذلك المفلس، بل المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، ويأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأكل مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار)) .

ومن ذلك قوله أيضًا ((أيما رجل وجد متاعه بعينه عند رجل قد أفلس، فصاحب المتاع أحق بمتاعه)) .

إلى غير ذلك من الأحاديث التي تذكر الإفلاس.

ولفظ الإفلاس بالاتفاق مشتق من (الفلس) ، وذلك لأن الرجل إذا كثر دينه رجع ماله إلى الفلوس بعد أن كان يتعامل بالدرهم والدنانير.

وفي حديث أبي ذر عن الإمام أحمد (٥/١٥٦، ١٥٨) ، أنه أمر جارية أن تشتري له " فلوسا ". ويأتي النقل عن مجاهد والنخعى في الفلوس. وقال السيوطى في الحاوى (١/١٠٤) : التعامل بالفلوس قديم. ثم استدل على وجودها عند العرب بآثار.

<<  <  ج: ص:  >  >>