للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام

في مواجهة الحداثة الشاملة

إعداد

الدكتور ناصر الدين الأسد

رئيس المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية

(مؤسسة آل البيت) عمان - الأردن

* * *

بسم الله الرحمن الرحيم

الإسلام في مواجهة الحداثة الشاملة

الحداثة مصطلح يدل على منهج فكري ومذهب اجتماعي في الحياة والسلوك، والمصطلح، كلُّ مصطلح، إنما هو وعاء لفظي في داخله مفهوم محدد، لا يجوز نقله إلى مفهوم غيره إلا باستعمال مصطلح آخر، فالحداثة إذن ليست كلمة عامة يُقصد بها الجِدَّة والتطور في كل عصر عن العصر الذي سبقه، فتختلف بذلك سماتها ومظاهرها وعناصرها باختلاف العصور، فالتجدد والتطور في العصر الأموي، في الحياة عامة، لهما من السمات والمظاهر ما يختلف عن عصر الراشدين، ثم ما يختلف عن العصور العباسية وما تلاها من عصور.

وقد اختلط معنى مصطلح (الحداثة) في اللغة العربية في بدء استعماله ودورانه على الأقلام والألسنة بمعنى الجِدَّة، وربما كان سبب ذلك أن الوصف منها هو (حديث) ، فقالوا: (العصر الحديث) ، و (الشعر الحديث) ، فظنوا أن هذا الوصف منصرف إلى معنى (الجديد) ، أو هذا الذي نحن فيه الآن، وربما جعلوه بمعنى (المعاصر) ، وقالوا إن لكل عصر جديده أو حديثه، مرددين قول الشاعر:

إن ذاك القديم كان حديثًا

وسيغدو هذا الحديث قديما

ومن أجل رفع هذا الالتباس أصبح بعض كتابنا في هذه الأيام يستعملون صفة (الحداثي) بإضافة ياء النسبة إلى المصدر، وربما زادوا في التوضيح فقالوا (الحداثية) - باستعمال المصدر الصناعي - للتفريق بينها وبين (الحداثة) بمعنى الجِدَّة، ثم أغرب بعضهم فاستعملوا للمصدر لفظة (الحداثوية) ، وللصفة لفظة (الحداثوي) . كل ذلك ليثبتوا لهذا المصطلح انفراده بمعنى خاص، وامتيازه من غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>