الحمد لله رب العالمين وبه نستعين وعليه نتوكل ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. هو الأول والآخر والظاهر والباطن والهادي إلى الصراط المستقيم، من يهد الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له.
عزة ونعمة شهادتنا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله ناصر الحق بالحق والهادي إلى الصراط المستقيم، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.
أما بعد:
مقدمة
فإن موضوع تحديد النسل يعتبر اليوم من أهم المواضيع الاجتماعية المدروسة في الدول الإسلامية وغير الإسلامية، وفي الحقيقة يمكن القول بأنه فرض نفسه عند طرقه باب الأسر الصغيرة قبل التعدي إلى ساحة المجتمعات الدولية حتى يتم عرضه في قاعات الاجتماعات والحلقات العلمية.
ففي هذا يمكن القول بأن الاعتقاد كما ذهب إليه بعض الناس بأن زيادة عدد سكان العالم قد يزيد في الرفاهية والازدهار الاقتصادي. وقد يعتبره بعض علماء علم الاجتماع من المجازفة ما دامت مسألة الطاقة الحيوية والمواد الغذائية نادرة، رغم أن بعض علماء الديموغرافية يأخذون بفكرة ازدياد عدد النسل في العالم يقابله في السلم زيادة حجم الأعمال وازدهار مواردها الصناعية، وهذا يؤدي إلى زيادة الدخل الفردي للمجتمع الصناعي، وبالتالي حتى إن كانت دول العالم الثالث تكافح مسألة زيادة النسل فلابد من إقناعها في ترك كل ما من شأنه أن يعود بالضرر على الأسرة حتى تؤول إلى التخفيض من النسل إذ يعود كما ترون بالفائدة على المجتمع الصناعي، لا مجتمع العالم الثالث الذي يعتبرونه سوق بضاعتهم نشتري منهم الكثير ولا نبيع إلا القليل والنادر في بعض الأحيان، على أنه من الضروري الإشارة هنا بأن هنالك فريقًا من العلماء في علم الاقتصاد من يرى العكس بأن في زيادة النسل وانتشاره في العالم لا يعد ضمانًا للازدهار والرفاهية، إذ إن كانت هذه الزيادة تحل بعض المشاكل الوقتية أو الحالية إلا أنها تعقدها وتشعبها بصفة خطيرة من الناحية الثانية، وعلى سبيل المثال كثرة النسل يؤدي بلا شك إلى كثرة الاستهلاك مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وبالتالي يتحول بدوره مع مرور الزمن إلى تخفيض الدخل الفردي الذي يؤدي حتمًا إلى انخفاض المستوى المعيشي للأفراد.
والسؤال الذي يتطرق إلى الذهن حاليًا هو هل يجوز أم لا القول بتحديد النسل؟ وما موقف الدين الحنيف من هذه القضية؟.
وسأتعرض خلال هذا البحث إلى موضوع تحديد النسل كما هو معمول به في الدول النامية ودول العالم الثالث مع تحديد نظريتها قبل التعرض إلى موقف الدين الحنيف من هذه المسألة.