الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد خاتم النبيين والمرسلين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه الفقهاء العاملين والأئمة المجتهدين، وبعد:
فيحسن قبل الخوض في موضوع البحث أن نخصه بمقدمة ومدخل للدراسة نوجز فيها بعض المبادئ:
* أولًا: تحدث الفقهاء عن مجلس العقد، وخلاصته أن بعض العقود يشترط لوجوده شرعًا اتحاد مجلس الإيجاب والقبول، بمعنى أن يكون المتعاقدان في مكان واحد كعقود المعاوضات بالإجماع، وكذا سائر التمليكات على اختلاف في بعضها بين الأئمة كالهبة، غير أن الوصية بالإجماع لا يشترط فيها اتحاد مجلس الإيجاب والقبول، إذ الإيجاب فيها يكون حال حياة الموصي وأما القبول فلا يصح إلا بعد وفاته.
* وبعض العقود لا يشترط فيها اتحاد المجس كالوكالة ونحوها. ومن ذلك كل العقود التي يكون فيها أحد الركنين يمينًا والثاني معاوضة كالخلع.
فإن كان الإيجاب من الزوج صح قبول الزوجة في مجلس آخر، وذلك لأن الإيجاب هنا بمعنى اليمين أما إذا كان من الزوجة فلا بد أن يكون جواب الزوج في المجلس لأنه في هذه الحالة بمعنى المعاوضة.
* ثانيًا: المجلس قد يكون مكانا مستقرًّا وقد يكون متحركًا كالدابة والسفينة.
فلو تعاقدا البيع مثلًا وهما في بيت أو سفينة وهي تجري صحَّ العقد ولا ينقطع المجلس بجريان السفينة.
ولو عقداه وهما يمشيان أو يسيران على دابتين أو دابة واحدة في محل واحد، فإن خرج الإيجاب والقبول منهما متصلين انعقد البيع ولو كان بينهما فصل وسكوت، وإن قلَّ، لا ينعقد لأن المجلس تبدل بالمشي والسير وإن قلّ. يجوز في الماشين أيضًا ما لم يتفرقا بذاتيهما.