للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقود الورقية

لفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

بسم الله الرحمن الرحيم

(إياك نعبد وإياك نستعين)

الحمد لله حمدًا طيبًا طاهرًا مباركًا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين. أما بعد؛

فمما يعد أصلاً في موضوعنا ما رواه الخمسة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أبيع الإبل بالنقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخد الدنانير؟ فقال: ((لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء)) .

وفي لفظ بعضهم: ((أبيع بالدنانير وآخد مكانها الورق، وأبيع بالورق وأخد مكانها الدناير)) .

فابن عمر كان يبيع الإبل بالدنانير أو بالدراهم، وقد يقبض الثمن في الحال، وقد يبيع بيعًا آجلاً، وعند قبض الثمن ربما لا يجد مع المشتري بالدنانير إلا دراهم، وقد يجد من اشترى بدراهم ليس معه إلا دنانير، أفياخذ قيمة الثمن يوم ثبوت الدين أم يوم الأداء؟

مثلاً إذا باع بمائة دينار، وكان سعر الصرف: الدينار بعشرة دراهم، أي أن له ما قيمته ألف درهم، وتغير سعر الصرف يوم الأداء، فأصبح الدينار مثلاً بأحد عشر درهمًا، أفيأخذ الألف أم ألفا ومائة؟ وإذا أصبح بتسعة دراهم فقط، أفيأخذ تسعمائة درهم يمكن صرفها بمائة دينار يوم الأداء، أم يأخذ ألف درهم قيمة مائة الدينار يوم البيع؟

بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن العبرة بسعر الصرف يوم الأداء، وابن عمر الذي عرف الحكم من الرسول الكريم سأله بكر بن عبد الله المزني ومسروق العجلي عن كريّ لهما، له عليهما دراهم وليس معهما إلا دنانير، فقال ابن عمر: أعطوه بسعر السوق.

فهذا الحديث الشريف يعتبر أصلاً في أن الدين يؤدى بمثله لا بقيمته، حيث يؤدى عند تعذر المثلية إلى ما يقوم مقامها، وهو سعر الصرف يوم الأداء، لا يوم ثبوت الدين. وهذا الحكم الشرعي من الأحكام التي استقرت في الفقه الإسلامي، ولم يختلف حولها الأئمة الأعلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>