المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
يهتم الإسلام بتربية الفرد المسلم تربية صالحة مناسبة لفطرته وقدراته البشرية، وهدفية وجوده في الحياة ـ تسمو بنفسه، وتزكي أخلاقه، وتجعل منه بشرًا سويًّا، متوازن التفكير والسلوك.
وبما أن الإنسان مدني بالطبع، فإن حياته في مجتمعه الإنساني تقتضي تبادل المصالح، وهذا التبادل قد يفضي أحيانًا إلى الخلافات مما يعرض العلاقات البشرية لأنماط من التنازع والتضاد التي تتعارض مع مقاصد الشريعة الهادفة لحفظ نظام التعايش والتساكن الذي لا يستقر إلا بحفظ الدين والعقل والنفس والنسل والمال.
لهذا سعت التربية الإسلامية إلى تركيز فعاليتها في وجدان الإنسان قبل اعتمادها على قوة السلطان؛ إذ أن التنظيمات القضائية ليست في نظر الشريعة إلا وسائل تنظيمية تتعلق باهتماماتها بشؤون المجتمع أكثر مما تتعلق بحكم الناس، فالشريعة تهدف إلى إسعاد البشر بما توفره من ضوابط لمعاملاتهم وعلاقاتهم في إطار الأخوة الإسلامية والعدل الإلهي.
ولذلك يلاحظ أن العقوبات التي شرعها الإسلام قليلة بالنسبة لعموم الجرائم، وهي في نظر الفقهاء كفارات عما ارتكبه الإنسان من آثام أو زواجر، لإصلاح المجتمع كله. والكفارات من خصوصيات الشريعة؛ لأنها تربية ذاتية، واقتناع بالرجوع إلى الجادة. وهذا ما يركز في طبيعة الإنسان وفطرته فكرة العدل والإنصاف سواء له أو عليه، من غير حاجة اللجوء إلى القضاء.