للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنظيم النسل

وثيقة من المجلس الإسلامي الأعلى

بالجمهورية الجزائرية

بسم الله الرحمن الرحيم

إن المجتمع الذي ترمي إلى إقامته تعاليم الإسلام الأساسية، مجتمع ميزته الصحة والقوة ومؤسس على العدالة الاجتماعية والأخلاق الفاضلة.

وهذا مما جعل الإسلام ـ المفهوم بهذه المعاني السامية المنبع الذي ننهل منه

باستمرار لاستكمال الثورة الاجتماعية القائمة اليوم في بلادنا.

ففي قضية تنظيم الأسرة مثلا نجد الإسلام الذي هو دين الدولة الجزائرية وموجهها التشريعي يهدي إلى مبادئ يتم صلاح البشرية جمعاء بتطبيقها.

فالآيات الكريمة الصريحة والأحاديث النبوية الصحيحة الواردة في الموضوع وكذا الآثار المروية عن الصحابة رضوان الله عليهم وآراء كبار الفقهاء وشروحهم تضفي على هذه المسألة الضوء الكافي لاستبانة توجيهات الإسلام الهامة في هذا الميدان، ونذكر من بينها:

أولا: احترام الحياة والحفاظ عليها:

فلقد كرم الله الإنسان ونفخ فيه من روحه وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا إذ يقول في كتابه الحكيم: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الاسراء:٧٠] ويقول: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر: ٢٩] ، فقيمة الحياة عند الله عظيمة إلى حد أن قتل النفس بغير موجب شرعي يعتبر قتلا للناس جميعا، كما أن إحياءها بمثابة إحياء الناس جميعا، {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢] ؛ لذلك كله نجد القرآن الكريم يحرم الوأد الذي يلجأ إليه العربي في الجاهلية لسببين أساسيين، أحدهما أخلاقي: خشية العار والهون الذي يلحقه بزعمه من الأنثى، وثانيهما اقتصادي: خشية الإملاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>