للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سد الذرائع

إعداد

الدكتور إبراهيم فاضل الدبو

الأستاذ بجامعة العلوم التطبيقية بالأردن

بسم الله الرحمن الرحيم

سد الذرائع

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد:

بطلب من أمانة مجمع الفقه الإسلامي الموقر، أقدم بحثي هذا المتواضع الموسوم بـ (سد الذرائع) ، سائلا المولى عز وجل أن أكون قد وفقت فيما كتبته. إنه حسبي وعليه التكلان.

الذرائع: جمع ذريعة، والذريعة في اللغة تستعمل لعدة معان، منها كل ما يتخذ وسيلة يتوصل بها إلى الشيء سواء كان حسيًّا أو معنويًّا، خيرًا كان أو شرًّا (١) .

الذرائع وأما الاصطلاح الشرعي، فقد استعملت اللفظة بمعنيين، عام وخاص.

المعنى العام للذريعة:

يراد بالذريعة ـ على هذا المعنى ـ كل مسلك أو طريق اتخذ للتوصل إلى شيء آخر، بصرف النظر عن كون الوسيلة أو المتوسل إليه مقيدًا بوصف الجواز أو المنع (٢) وهي بهذا المعنى تشمل ما اتفق عليه وما اختلف فيه، ويتصور فيها الفتح كما يتصور فيها السد، وذلك أن موارد الأحكام قسمان: مقاصد، وهي الأمور المكونة للمصالح والمفاسد في أنفسهم، أي التي هي مصالح أو مفاسد في ذاتها. ووسائل، وهي الطرق المفضية إلى المقاصد.

وحكم الوسائل كحكم ما أفضت إليه من المقاصد، فوسيلة الواجب واجبة، كما أن وسيلة المحرم محرمة. وإلى هذا المعنى أشار ابن القيم حيث قال: " لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها، كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات، والمعاصي ـ في كراهتها والمنع منها ـ بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطها بها، ووسائل الطاعات والقربات ـ في محبتها والإذن فيها، بحسب إفضائها إلى غاياتها، فوسيلة المقصود تابعة للمقصود وكلاهما مقصود، لكنه مقصود قصد الغايات، وهي مقصودة قصد الوسائل (٣) ".


(١) جاء في لسان العرب: " الذريعة، وقد تذرع فلان بذريعة، أي توسل، والجمع الذرائع، والذريعة مثل الدريئة، جمل يختتل به الصيد يمشي الصياد إلى جنبه فيستتر به ويرمي الصيد إذا أمكنه، وذلك الجمل يسيب أولًا مع الوحش حتى تألفه". انظر مادة ذرع
(٢) الأستاذ مصطفى ديب البغا في مؤلفه (أثر الأدلة المختلفة فيها مصادر التشريع التبعية) ص ٥٦٦.
(٣) انظر إعلام الموقعين ٤/١٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>