للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أ) حقيقة الجنين وحكم الانتفاع به في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية.

(ب) حكم زراعة خلايا الدماغ والجهاز العصبي.

إعداد فضيلة الدكتور محمد نعيم ياسين

رئيس قسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية.

بكلية الشريعة – جامعة الكويت

بسم الله الرحمن الرحيم

(أ) حقيقة الجنين وحكم الانتفاع به

في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية.

تقديم وتقسيم:

القضية المطروحة للبحث في الواقع العملي هي مدى مشروعية أخد أجزاء من الجنين، واستعمالها في علاج أمراض معينة يمكن أن يقع الإنسان فريسة لها، ومدى مشروعية اتخاذ الجنين محلا للتجارب العلمية بهدف التوصل إلى الكشف عن حقائق علمية تفيد في تقويم صحة الإنسان علاجاً ووقاية.

وهذه مسألة مستجدة بلا ريب، فلا يتناولها بصورة مباشرة نص من كتاب ولا سنة، ولم يبحث فيها علماء المسلمين القدامى؛ لأنها وليدة مراحل كثيرة من التقدم العلمي في مجال الطب، ولا نظن أن لها مثالاً مطابقاً من الوقائع التي بت فيها الشرع بحكم معين.

ومنهج الباحث المسلم في مثل هذه المسألة أن يستقصي جوانب الخير والمصلحة وجوانب الشر والمفسدة في موضوعها، ثم يستنبط الحكم بناءً على ما عهد في الشرع من طلب لمصالح العباد ودفع للمفاسد عنهم، وجعل العبرة في ذلك للغالب منهما، وإيجاب تحصيل أعظم المصلحتين المتعارضتين، ودفع أعظم المفسدتين عند تعذر الجمع بين تحصيل المصالح كلها ودفع المفاسد كلها.

وإذا كان تبين المصالح والمفاسد في موضوع هذا البحث أمراً يمكن تحقيقه بالرجوع إلى أهل الاختصاص في صنعة الطب، فإن عملية الموازنة بينها هي الأكثر خفاءً والأشد صعوبة على الباحث المسلم؛ وذلك أن أساس هذه العملية هو معرفة القيم الحقيقة لتلك المصالح والمفاسد في ميزان الشرع. وليس مجرد معرفة حجمها من حيث الكثرة والقلة؛ فرب مفسدة لعمل ما أعظم في ميزان الشرع من عشرات الفوائد التي يمكن نسبتها لذلك العمل، والعكس ممكن أيضاً. والأصل في ذلك كله هو التصور السليم (المطابق للواقع) لحقيقة التصرف المراد معرفة حكمه.

وفي موضوع هذا البحث فإن حقيقة التصرف بالجنين في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية لا يمكن تحديدها إلا بمعرفة حقيقة المحل الذي يقع عليه ذلك التصرف وهو الجنين ذاته: هل هو في نظر الشرع آدمي من أول لحظة يتكون فيها، أم أنه ليس كذلك أم أنه يكون آدمياً في مرحلة من مراحل الاجتنان ولا يكون كذلك في مرحلة أخرى؛

<<  <  ج: ص:  >  >>