الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد.
فإن موضوع القبض من أهم الأمور التي ينبغي بحثها في المعاملات المالية، وخاصة المعاصرة منها لما يترتب عليه من الأحكام الشرعية، حيث إن القبض مقصد المتعاقدين من العقد وغايتهما، والله سبحانه وتعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ، [سورة المائدة: الآية ١] .
والوفاء بها هو: القبض إذ هو ثمرتها وفائدتها، ولذلك رأى علماء المجمع أن يكون موضوع القبض أحد الأبحاث التي تطرح للنقاش في الدورة السادسة، وقد طلب مني الكتابة فيه، فأبديت الاستعداد لذلك وإن كان الموضوع خطيرًا جدًّا، غير أني استعنت بالله، ولم يدر بخاطري تسويغ أو تحليل لشيء من المعاملات أو العقود التي يتعامل بها الناس في هذا العصر مستندين إلى أن العرف جرى بها، أو أقرها، أو أن النظام الاقتصادي يقوم عليها، ولهذا أو ذاك تكون ضرورة لا بد منها، لا أريد شيئا من ذلك ولا العمل إلى تحليل ما هو موجود وعليه التعامل، لأن للعمل بالعرف شروطًا لا بد من توفرها، ومن أهمها: أن لا يتعارض مع الكتاب أو السنة، وإنما هدفي هو البحث على ضوئهما، وما استنبطه الفقهاء الأجلاء من الأصول العامة والقواعد الكلية.