(٢) فالمسلمون تابعون للشريعة الإسلامية وحاشا لله أن تكون الشريعة تابعة لأهواء الناس ورغباتهم وعندما كان المسلمون يطبقون شريعة الله كانوا هم سادة الدنيا وأصحاب الكلمة النافذة فيها ولكن لما غيروا ما كانوا عليه من طاعة الله ورسوله وحكموا بغير ما أنزل الله تغيرت أحوالهم وانقلبت أوضاعهم سنة الله التي قد خلت في عباده وصدق الله العظيم إذ يقول {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (سورة الأنفال: الآية رقم ٥٣) إنه عدل الله في معاملة العباد فلا يسلبهم نعمة وهبهم إياها إلا بعد أن يغيروا نواياهم ويبدلوا سلوكهم ويقلبوا أوضاعهم ويستحقون أن يغير ما بهم مما عطاهم إياه للابتلاء والاختبار من النعمة التي لم يقدرها ولم يشكروها ومن جانب آخر فإنه يُكرِّم المخلوق الإنساني أكبر تحريم حين يجعل قدر الله به ينفذ ويجري عن طريق حركة هذا الإنسان وعمله، ويجعل التغيير القدري في حياة الناس مبنيا على التغيير الواقعي في قلوبهم ونواياهم وسلوكهم وعملهم وأوضاعهم التي يختارونها لأنفسهم. ومن الجانب الثالث فإن النص الكريم يلقى تبعة عظيمة تقابل التكريم العظيم على هذا الكائن – الإنسان – فهو يملك أن يستبقى نعمة الله عليه ويملك أن يزاد عليها إذا هو عرف فشكر. كما يملك أن يزيل هذه النعمة إذا هو أنكر وبطر وانحرفت نواياه فانحرفت خطاه، (في ظلال القرآن: ٣/١٥٣٥-١٥٣٦) .