السوق المالية
إعداد
فضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي
الأستاذ بكلية الشريعة – جامعة دمشق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه هداة الشرع وأعلام الدين وبعد:
فهذا بحث يتناول حكم الإسلام في أهم المعاملات المعاصرة التي تتم فيما يسمى بالبورصة أو السوق المالية.
والمقصود بالبورصة هنا مجموعة العمليات التي تتم في مكان معين بين مجموعة من الناس لإبرام صفقات تجارية حول منتجات زراعية أو صناعية أو أوراق مالية، سواء أكان محل الصفقة حاضرا – وجود نموذج أو عينة منه – أو غائبا عن مكان العقد، أو حتى لا وجود له أثناء التعاقد (معدوم) لكن يمكن أن يوجد (١) . فيكون التعامل به أمرا احتماليا، أو ما يسمى في فقهنا غررا.
وليست البورصة في الحقيقة سوقا بالمعنى المفهوم الشائع من كلمة السوق، لأن البورصة تختلف عن السوق في ثلاثة أمور:
١- تتم الصفقات في الأسواق على أشياء موجودة بالفعل، أما في البورصة فيتم التعامل بالنموذج (عينة) أو بالوصف الشامل لسلعة.
٢- التعامل في السوق يحدث في جميع السلع، أما في البورصة فلا بد من أن تتوافر في السلعة: القابلية للادخار، وأن تكون من المثليات، وتكرار التعامل، وكون أثمانها عرضة للتغير في فترة زمنية معينة بسبب ظروف العرض والطلب أو الأحوال المناخية.
٣- تكون الأسعار في الأسواق ثابتة لا تؤثر الأسواق فيها لقلتها، بينما تؤثر البورصات على مستوى الأسعار، لكثرة ما يعقد فيها من صفقات ولذلك وصفت البورصة بأنها كجهنم.
ومن أهم وظائف البورصة المضاربة، أي المخاطرة بالبيع أو الشراء بناء على التنبؤ بتقلبات الأسعار بغية الحصول على فارق الأسعار، والبورصة ثلاثة أنواع:
١- بورصة البضاعة الحاضرة: وهي التي يتم التعامل فيها بناء على عينة، ثم يدفع غالب الثمن عند التعاقد، والباقي عند التسليم.
٢- بورصة الأوراق المالية: وهي التي تباع فيها أسهم الشركات المختلفة، أو السندات بسعر بات أو بسعر البورصة في تصفية محددة بتاريخ معين. وهذه الأوراق قد تكون حاضرة، وقد تكون على المكشوف، أي لا يملكها بائعها.
٣- بورصة العقود أو بورصة (الكونتراتات) : وهي التي يتم البيع فيها السلع غائبة غير حاضرة بسعر بات أو بسعر معلق على سعر البورصة في تصفية محددة، ويكون البيع فيها على المكشوف، أي بيع مقدور التسليم في المستقبل لا في الحال.
(١) الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية: ٥/٣٩١.