للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفكار وآراء للعرض:

المواجهة بين الشريعة والعلمنة

إعداد

الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الشريعة:

الإسلام ليس دين عبادة فحسب ولكنه عقيدة وشريعة وسلوك، على أساسها جميعًا بنى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الفرد المسلم والجماعة المسلمة. وعلى هذا الاعتبار تميز المؤمنون عن الكافرين والموقنون عن الجاحدين، فأعلن الأولون عن ولائهم وشعار إيمانهم بما ذكره القرآن عنهم في قوله عز وجل: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة النور: الآية٥١] .

وقوله سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [سورة النساء: الآية ٦٥] .

شمولية المنهج الإسلامي لجميع قضايا الحياة الإنسانية:

ولا بدع في أن هذا الموقف يلزمه اتباع شرع الله، فإن الإسلام قد وضع للعالمين منهجًا متميزًا للحياة ونظامًا متكاملًا لها تشمل أصوله ومبادؤه وكلياته وقواعده: العقيدة والعبادات والمعاملات والنظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والشؤون الدولية والقيم والأخلاق: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} [سورة الأنعام: الآية ١٢٦] .

وفى تاريخ الأمة شواهد قائمة على ذلك وبراهين لا ينكرها إلا معاند أو مكابر، وقد تجمعت المادة الشرعية الفقهية مما نزل من الوحي والأحكام في أمهات القضايا على رسول الله، ومما قام به صلى الله عليه وسلم من تفصيل وبيان لذلك في أحاديثه وما تبع هذا وذاك من أقوال الصحابة والتابعين وآراء الأئمة المجتهدين الذين شرحوا وعللوا وأبرزوا النظائر والمتشابهات وضبطوا القواعد والفروق من أوائل القرون الوسطى بما لا يرقى إليه أي تشريع أو قانون. فجاءت الشريعة الإسلامية آية مفردة في التدقيق الفقهي وتفريع المسائل واستخلاص الجزئيات ببيان ومنطق أساسه عمق الفهم والتفقه في دين الله بالكتاب والسنة وجودة الاستنباط. وحكمت الشريعة الإسلامية المجتمعات الإسلامية دولًا وشعوبًا، واعتنقها المسلمون مبدأ وطبقوها منهجًا وكانت طوال ثلاثة عشر قرنًا القانون الوحيد بينهم يعتمدونه في كل ما يلم بهم من النزاعات أو يحدث لهم من القضايا في الأحوال الشخصية والمعاملات والمضاربات المالية والجنايات والعقوبات وأحوال السلم والحرب وما يتبعها من معاهدات واتفاقات مع سائر الدول شرقًا وغربًا. كل ذلك مع التقديس لها والتسليم بها تقديسا وتسليمًا يوجبهما الإيمان بالله وبكتابه ورسوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>