انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاً
إعداد
معالي الدكتور محمد علي البار
عضو الكليات الملكية للأطباء بلندن وجلاسكو وأدنبره
مستشار قسم الطب الإسلامي بمركز الملك فهد للبحوث الطبية ـ جامعة الملك عبد العزيز
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين وآله الطيبين وصحبه الميامين.
أما بعد،
فإن موضوع غرس الأعضاء موضوع حساس لأنه يتصل بالأحياء والأموات، وقد تقدم الطب في العشرين عاماً الماضية تقدماً كبيراً بحيث فتح آفاقاً جديدة في هذا الميدان وخاصة بعد ظهور مفهوم موت الدماغ، وبعد التقدم الجراحي الواسع، وبعد استحداث عقاقير جديدة فعالة في تثبيط جهاز المناعة الذي يقوم برفض الأعضاء المغروسة.
وقد بحث الفقهاء الأجلاء هذا الموضوع بشكل من الأشكال منذ عهود بعيدة، عندما قام الأطباء بتوصيل العظام بعظام الأموات من بني البشر أو بعظام الحيوانات، وكانت هذه العظام الموصولة تفيد كثيراً، وإن كان الجسم يلفظها بعد فترة ويمتصها، وتأتي فائدتها من أنها تعمل كالسقالة التي يتم عليها البناء ثم تزال.
وقد توالت الفتاوى في هذا الموضوع منذ ظهور نقل الدم، الذي يعتبر طبياً، جهازاً من أجهزة الجسم يحتوي على خلايا متنوعة. ثم اتسع النطاق مع ظهور عمليات زرع (غرس) الأعضاء المختلفة.
وقد قسمنا هذا البحث إلى ثلاثة فصول لا بد منها:
الأول: في تاريخ غرس الأعضاء.
الثاني: في تعريفات وتصنيف غرس الأعضاء.
الثالث: الموقف الفقهي من غرس الأعضاء.
وفي نهاية الفصل الأخير ذكرنا الأسئلة التي يثيرها الأطباء العاملون في هذا الحقل. وذلك بعد حضور ندوة خاصة في هذا الموضوع نظمها المركز الطبي لنقل الكلى في الرياض في ٢٨ محرم ١٤٠٨ هـ (٢١/٩/ ١٩٨٧ م) وشارك فيها كاتب هذه السطور بإلقاء محاضرة أساسية عن مفهوم موت الدماغ بين الطب والدين والقانون، كما شارك في المناقشات التي تمت في موضوع غرس الأعضاء ومشاكله وصعوباته.