للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقارنة بين الذرائع والحيل

ومدى الوفاق والخلاف بينهما

إعداد

حمداتي شبيهنا ماء العينين

مكلف بمهمة بالديوان الملكي المغربي

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم:

عندما ازدهرت الحضارة الإسلامية، استقطبت كل التطلعات الإنسانية، ثم امتد إشعاعها إلى غير الرقعة الإسلامية فأصبح الفكر الإسلامي إنتاجا حضاريا يتفيأ ظلاله بنو الإنسانية من غير المسلمين، لما قدم إليهم عطاءات تسامت بالإنسان، فاستلت رواسب الجاهلية العمياء، فمكن هذا الازداهار من نهضة علمية، لم تعرف لها الإنسانية مثيلًا قبل فقهاء الإسلام من خلال تعمقهم في الدراسات القرآنية والسنية، قال الله تعالى حاثا على التدبر في معاني القرآن والاستفادة من محتوياته: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤] .

وقال عز من قائل {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٩] . وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الفهم والاجتهاد في قصة معاذ بن جبل عندما وجهه إلى اليمن، هذا التوجيه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تمسك به السلف الصالح، فكرسوا مواهبهم ومعارفهم لتقريب بعيد القرآن إلى عقول المسلمين ووضعوا ـ منهج التعامل، ليحاول العالم الاستفادة منه بطرق من المصطلح انفرد بها المسلمون وحدهم من بين جميع أهل الكتاب، وإذا سلكنا اليوم طريقهم وتتبعنا مناهجهم، تمكنا من فهم كثير من الأحكام حسب تطور وقائعها عبر الزمان ـ واستلمنا القيادة الفكرية لعالم حائر ومنفعل لا يدري أين يضع قدميه.

<<  <  ج: ص:  >  >>