للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيع الدين

أحكامه – تطبيقاته المعاصرة

إعداد

أ. د نزيه كمال حماد

بسم الله الرحمن الرحيم

بيع الدين

أحكامه – تطبيقاته المعاصرة

ويتألف هذا البحث من تمهيد ومبحثين وخاتمة:

التمهيد

حقيقة الدين

١- يطلق الفقهاء كلمة الدين في اصطلاحهم باعتبارين: اعتبار التعلق، واعتبار المضمون:

* أما باعتبار التعلق: فيرد استعمالهم للدين في مقابل العين، حيث يقولون:

العين: هي الشيء المعين المشخص، كبيت وسيارة وحصان وكرسي وصبرة حنطة وصبرة دراهم حاضرتين. فكل ذلك بعد من الأعيان. والدين: هو ما يثبت في الذمة من غير أن يكون معينًا مشخصا، سواء أكان نقدا أو غيره (١) . وعلى ذلك قال المقري في قواعده: " المعين لا يستقر في الذمة، وما تقرر في الذمة لا يكون معينا ". (٢)

وأساس التمييز بين العين والدين في هذا التقسيم الفقهي هو الاختلاف والتباين في التعلق، حيث إن الدين يتعلق بذمة المدين، ويكون وفاؤه بدفع أية عين مالية مثلية من جنس الدين الملتزم به ولهذا صحت فيه الحوالة والمقاصة، بخلاف العين، فإن الحق يتعلق بذاتها، ولا يتحقق الوفاء في الالتزام بها إلا بأدائها بعينها، ومن أجل ذلك لم تصح الحوالة أو المقاصة في الأعيان، لأنها إنما تستوفي بذواتها لا بأمثالها. (٣)

* وأما باعتبار المضمون والمحتوى: فقد استعمله الفقهاء بمعنيين أحدهما أعم من الآخر.

أ – أما الدين بالمعنى الأعم: فيشمل كل ما ثبت في الذمة من أموال – أيًّا كان سبب وجوبها – أو حقوق محضة، كسائر الطاعات من صلاة وصيام ونذر وحج ونحوها. "لأن الدين لزوم حق في الذمة" (٤) .

وبناءً على هذا الاعتبار، فلا يشترط في الدين أن يكون مالاً، ولو كان مالاً فلا يشترط فيه أن يكون ثابتًا في معارضة أو إتلاف أو قرض فحسب. وعلى ذلك عرف بأنه: " وصف شرعي في الذمة يظهر أثره عند المطالبة " (٥) .


(١) مجلة الأحكام العدلية م ١٥٨، ١٥٩؛ رد المحتار: ٤/ ٢٥.
(٢) إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك للونشريسي، ص ٣٣١.
(٣) المدخل إلى نظرية الالتزام للزرقا، ص ١٧٠ وما بعدها؛ مصادر الحق للسنهوري: ١ / ١٥؛ تبيين الحقائق: ٤ / ١٧١؛ رد المحتار: ٤ / ٢٩٠؛ والفروق للقرافي: ٢ / ١٣٣.
(٤) فتح الغفار شرح المنار لابن نجيم: ٣ / ٢٠.
(٥) العناية على الهداية: ٦ / ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>