للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كساد النقود الورقية وانقطاعها وغلاؤها ورخصها

وأثر ذلك في تعيين الحقوق والالتزامات

إعداد

الدكتور محمد علي القري بن عيد

الأستاذ المشارك في جامعة الملك عبد العزيز بجدة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهديه.

اللهم ألهمنا الصواب وآتنا الحكمة وفصل الخطاب.

١ - مقدمة: في طبيعة النقود المعاصرة ونظم الإصدار النقدي:

تنقسم النقود عند الاقتصاديين بحسب نظام الإصدار إلى نوعين:

نقود سلعية ونقود ائتمانية.

* وللنقود عندهم قيمتان ملازمتان للنقود دائمًا: الأولى: تلك المستمدة من منافع الاستعمال، والثانية: من منافع التبادل؛ وتكون النقود سلعية إذا كانت الأولى (القيمة الاستعمالية) كبيرة حتى لو كانت غير غالبة على الثانية، أما إذا كانت قيمة الاستعمال ضئيلة لا تكاد توجد أضحت النقود في تعريفهم ائتمانية، ولتوضيح ذلك نعرض ما يلي:

الذهب والفضة نقود سلعية (١) لسببين:

الأول: أنها وإن استخدمت كوسيط للتبادل بالوزن (المراطلة) أو بالعد (السكة مثل الدرهم والدينار) ، فليس لها استقلال عن أصلها المعدني، فمثلًا دينار من الذهب وزنه مثقال وسعر صرفه عشرة دراهم، لا يختلف في قيمته، عن مثقال من الذهب على شكل سبيكة، فهو وإن كان نقودًا فهو يبقى سلعة كسائر السلع.

والثاني: أن لها منافع استعمالية كبيرة، فالذهب والفضة تكون حليًّا وتتزين بهما النساء وترصع بهما السيوف ... إلخ.

قيمة هذا النوع من النقود مستمدة في أعين الناس من مصدرين الأول: هو قيمتها الاستعمالية، والثاني: قبولها العام عند الناس وتبني الحكومة لها كنقد، فإذا أبطلها السلطان فلم تعد وسيطًا للتبادل لم تتأثر كثيرًا؛ لأنها تبقى سلعة نافعة تباع وتشترى لأغراضها الأخرى مثل الذهب والفضة (٢) .


(١) النقود السلعية – وإن كان أشهر الذهب والفضة – فهي كثيرة، منها الملح والقمح والماعز والبرونز ... إلخ
(٢) فعلى سبيل المثال دولار مارياتريزا امبراطورة النمسا والمجر (الذي كان يسمى في الجزيرة العربية الريال الفرنسي) سك من الفضة في القرن الثامن عشر، واستمر مكتسبًا ثقة الناس حتى الستينات من هذا القرن عندما أوقفت في أوائل القرن العشرين وكانت النمسا قد خرجت من النظام المعدني قبل ذلك بسنين كثيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>