للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقد الاستصناع

وعلاقته بالعقود الجائزة

إعداد

الدكتور محمد رأفت سعيد

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

نحمدك اللهم ونستعينك ونستهديك، ونصلي ونسلم على خاتم أنبيائك ورسلك سيدنا محمد، وبعد.

فإن جهود فقهائنا مازالت متابعة لكل جديد من وجوه التعامل بين الناس، لتكييف هذا التعامل وتوصيفه، ومعرفة موافقته أو مخالفته للأصول الشرعية، وتأسيسه على ما عرف من أدلة الأحكام، ومدى تحقيقه للمقاصد الشرعية. وقد يكون الوجه الجديد جامعًا لوجوه معروفة من قبل، ومنها يكون هذا الوجه، وقد يضاف إلى هذه الوجوه القديمة بعض الأمور التي لم تعرف من قبل. وهنا - تظهر - العقلية الفقهية في دقة التوصيف، التي تتبع بإعطاء الحكم المناسب لكل وصف.

وهذا مجال لاتجاهات فقهية متعددة، تدل على خصوبة الفكر، وهي اتجاهات معتبرة ما دام الحال يتسع لأكثر من وجه، وليس مقيدًا بدلالة قطعية واحدة لنص من النصوص.

ومن وجوه التعامل التي يتحقق فيها هذا القول " عقد الاستصناع "، فإن حاجة الإنسان إلى السلع التي تستصنع من الحاجات المتجددة، وذلك لتطور الحياة البشرية، بل وبصورة سريعة، يكون المستصنع اليوم قديمًا في الغد، وما صنع هذا العام ليس هو ما صنع في العام السابق، فقد يحتاج الأمر إلى إضافات جديدة تحتاجها طبيعة الآلة، أو الجهاز المصنع، وتقضيه ضرورة الاستعمال.

كما أن الصانع في إطار هذا القفز السريع في التطور قد يحتاج إلى مال يدخل في تهيئة هذه المصنوعات، وكذلك في نفقاته الخاصة. وعلى ذلك فإن تحقيق حاجة المستصنع والصانع تجعل بينهما هذا الوجه الذي يمثل عقدًا بينهما يدفع فيه المستصنع مالًا للصانع ليصنع له ما يريد. فكيف يكيف هذا العقد؟

<<  <  ج: ص:  >  >>