إن بيع الوفاء من العقود المستحدثة بعد استقرار المذاهب وهو من النوازل أو الواقعات في عرف الفقهاء، ومن العقود المسماة في عرف رجال القانون الوضعي، لذلك تعددت الأقوال في تعريفه كما اختلفت أقوال الفقهاء في تصنيفه.
ومما لا خلاف عليه أنه عقد مركب من عقدين يتنازعه كل من الرهن والبيع على خلاف في صحته أو فساده..
لذلك يدور الوفاء بينهما ويجمع بين بعض خصائصهما وأحكامهما.
والقاعدة الفقهية تقضي (بأن المعاملات طلق حتى يعلم المنع) لذلك بذل الفقهاء أقصى جهدهم وكما هو شأنهم لبيان حكم هذا العقد وبخاصة فقهاء مذهب الإمام أبي حنيفة تجنبًا للوقوع في الربا، لأن الصيغة بيع والحقيقة رهن.
فالقول بحل الانتفاع بالعين فحينئذ العقد يكون بيعًا، ومن حيث الالتزام أو إلزام المشتري برد العين إلى البائع إذا أعاد البائع الثمن يكون رهنًا.. وهنالك فروق واضحة بين أحكام البيع وأحكام الرهن.
ومن هذا المنطلق فقد عولج الموضوع مطولًا في كتب الفتاوي عند فقهاء الحنفية بالذات أكثر مما عولج في المتون وشروحها والتي وضعت لضبط المذهب.. كما كان القول فيها مستفيضًا لدى المتأخرين ومقتضبًا لدى المتقدمين.
كما عالج الموضوع بشيء من الإسهاب كل من فقهاء المالكية والشافعية.. أما فقهاء الحنابلة فكان كلامهم في هذا الشأن مختصرًا، سنعرض لكل ذلك بالتفصيل، والله المستعان ونسأله سبحانه السداد في القول والعمل.