إن مسألة تغير قيمة العملة، وربطها بقائمة الأسعار إنما نشأت نتيجة للنظام النقدي المعاصر. كانت العملة فيما سبق مرتبطة بعيار مخصوص من الأثمان، كالنقود الذهبية أو الفضية ترتفع قيمتها وتنخفض بالنسبة إلى ذلك العيار المخصوص. ولكن النقود الورقية اليوم ليست مرتبطة بثمن خلقي، وإنما هي تمثل قوة شراء مخصوصة باصطلاح من جهتها المصدرة. فلا تتفاوت قيمتها بالنسبة إلى عيار مخصوص من الأثمان، وإنما تتفاوت بغلاء الأشياء ورخصها.
فكلما غلت البضائع في السوق انتقصت قوة شرائها، فكأنما انتقصت قيمتها، وكلما رخصت البضائع زادت قوة شرائها، فكأنما ارتفعت قيمتها.
وبعبارة علم الاقتصاد المعاصر: إن قيمة النقود إنما تنبني اليوم على مقدار التضخم أو الانكماش الموجودين في البلاد، فكلما ازداد التضخم انتقصت قيمة النقود، وكلما ازداد الانكماش ارتفعت قيمتها.
ودعوني، قبل أن أتقدم في الموضوع، أن أفسر التضخم والانكماش باختصار، ليسهل فهم الموضوع قبل الدخول فيه.
إن التضخم (Inflation) في اصطلاح الاقتصاد المعاصر عبارة عن حالة اقتصادية في بلد مخصوص، يزداد فيها مقدار النقود السائلة على مقدار البضائع والخدمات التي يمكن شراؤها بالنقود. ومن النتائج اللازمة لهذه الحالة أن ترتفع أسعار البضائع والخدمات فيحدث الغلاء العام، لأن النقود السائلة في البلاد تمثل طلب المجتمع للبضائع والخدمات، والبضائع والخدمات الموجودة في البلاد تمثل عرضها للمجتمع، وحيثما ازداد الطلب على العرض، ازدادت الأسعار، كما هو معلوم من قواعد الاقتصاد الأساسية.