انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيّاً أو ميّتاً
إعداد
فضيلة الشيخ محمد عبد الرحمن
مفتي جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
لقد كرم الله تعالى ابن آدم وفضله على كثير من خلقه ومنحه الخلافة في أرضه وجعل من جنسه الأنبياء والمرسلين والعلماء العاملين وسخر له ما في السموات وما في الأرض وأنزل عليه لباساً يواري سوأتيه في الحياة كما أوجب مواراة جثمانه بعد مماته إلى غير هذه من الفضائل التي ميز الله بها بني الإنسان على من سواهم من مخلوقاته.
قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} الإسراء: ٧٠
وقال جل شأنه: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الجاثية: ١٣.
ومقتضى هذا التكريم الذي نوه الله به في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أن تكون أعضاء هذه الشخصية الممتازة محترمة لا تمس بانتهاك حيّاً وميتاً إلا أن للضرورة أحكاما أعظمها أنها تبيح المحظورات.
قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} البقرة: ١٧٣.
أباح الله سبحانه وتعالى وهو الرؤوف الرحيم للمضطر تناول هذه المحرمات عند فقدان الطعام إبقاء لحياته، ومن جراء ذلك أجاز بعض الفقهاء تناول ميتة آدمي إذا لم يجد المضطر غيرها من المحرمات، قال ابن قدامة في الجزء الثامن من (المغني صحيفة ٦٠٢) : وإن وجد معصوماً ميتاً لم يبح أكله في قول أصحابنا، وقال الشافعي: وبعض الحنفية يباح، وهو أولى؛ لأن حرمة الحي أعظم.
وقال الإمام النووي في المجلد التاسع من المجموع صحيفة: ٣٣ وإن اضطر ووجد آدمياً ميتاً جاز له أكله لأن حرمة الحي أكبر من حرمة الميت، وفي صحيفة ٣٦ من نفس المجلد قال: قال الماوردي: فإن جوزنا الأكل من الآدمي فلا يجوز أن نأكل منه إلا ما يسد الرمق بلا خلاف. إلى أن قال: ولو وجد ميتة ولحم آدمي أكل الميتة ولم يجز أكل الآدمي سواء كان الميتة خنزيراً أو غيره اهـ.