قبل الدخول في مسألة مشروعية مثل هذا العقد نجد من الضروري ملاحظة طبيعة عقد الإجارة وامتلاك تصور عن قاعدة ((المؤمنون عند شروطهم)) وحكم الوعد الابتدائي تمهيدا للوصول إلى الرأي المختار في الموضوع.
حول عقد الإجارة:
عرف عقد الإجارة بأنه (تمليك عمل أو منفعة بعوض) أو (تمليك منفعة عمل أو عين بعوض) ، والإجارة لذلك شاملة لعقود كثيرة كعقود إجراء المشاريع (المقاولات) وعقود استخدام الموظفين، والخدمات الطبية والترفيهية والحمل والنقل وغيرها.
وربما جعلت الإجارة أحد الأركان للحياة الاقتصادية في النصوص الإسلامية، فقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام) قوله: (إن معايش الخلق خمسة: الإمارة والعمارة والتجارة والإجارة والصدقات، ولو كان الرجل منا يضطر إلى أن يكون بنَّاءً لنفسه أو نجارًا أو صانعًا في شيء من جميع الصنائع لنفسه ويتولى جميع ما يحتاج إليه من إصلاح الثياب وما يحتاج إليه من الملك، فمن دونه فما استقامت أحوال العالم بتلك ولا اتسعوا له ولعجزوا عنه، ولكنه أتقن تدبيره لمخالفته بين هممهم وكلما يطلب مما تنصرف إليه همته مما يقوم به بعضهم لبعض)(١) .
وتمتاز الإجارة على البيع أنها تمليك منفعة وهو تمليك عيني، كما تمتاز على عقود المزارعة والمساقاة والمضاربة بعموميتها أولاً وهي عقود لها موارد خاصة وبأنها عقد تبادلي معلوم العوض دونها، كما تمتاز على الجعالة بعموميتها أيضًا في حين تختص الجعالة بالمنافع ولا تشمل الأدوات، وكذلك تفترقان في مسألة اللزوم لأن الإجارة عقد لازم دون الجعالة وهناك بحوث مفصلة عن أقسامها وشرائطها بالنسبة للمتعاقدين والعوضين وأحكام الإجارة وإمكان شرط الضمان فيها أو عدمه، والإجارات المحرمة ولكننا نكتفي بما أشرنا إليه.
(١) وسائل الشيعة، ج١٣، كتاب المزارعة، باب٢، حديث ١٠