للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرابحة للآمر بالشراء

دراسة مقارنة

إعداد

الدكتور إبراهيم فاضل الدبو

الأستاذ بكلية الشريعة جامعة بغداد

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.

وبعد: من البيوع التي تناولها التشريع الإسلامي بالبحث: (بيوع الأمانة) وقد أطلق عليها هذه الوصف؛ لأنها تقوم على الأمانة فعلا، حتى إن مجرد الكذب فيها يعتبر خيانة وتدليسا، وتعتبر بحق منطقة حرام كما عبر عنها الأستاذ السنهوري، يفترض فيها على الناس الأمانة في التعامل إلى أبعد مدى (١) .

وقد أعطى فيها الفقه الإسلامي المجال لمن قلت خبرته في التعامل أن يتوقى غش الناس إياه وذلك بالتعامل معهم وفق حدود معينة، فتعتبر مجاوزة تلك الحدود خديعة وتغريرا، تجوز للطرف المقابل المطالبة بحقه ورفع الغبن الذي لحق به.

وهكذا نجد الفقه الإسلامي قد تكفل بحماية من هو بحاجة لدفع الأذى عنه ورفع ما يعتريه من غبن الآخرين له.

وجملة القول في عقود الأمانة هذه، أن المشتري فيها يضع ثقته بالبائع ويطمئن إلى أمانته فيشتري منه السلعة على أساس ثمنها الذي اشترى به البائع نفسه هذه السلعة، وفي هذه الحالة إما أن يربح المشتري البائع قدرا معلوما من المال زيادة على الثمن الأول، فيسمى البيع مرابحة، وإما أن ينقصه من الثمن الأصلي للسلعة بأن يخسر البائع جزءا من رأس ماله فيسمى البيع وضيعة، وإما ألا يزيد ولا ينقص، بل يأخذ المبيع بثمنه الأصلي، فيسمى البيع تولية، وإن أشرك معه آخر في المبيع بما يقابله من الثمن، سمي العقد إشراكا ومشاركة.

والذي يعنينا بالبحث هنا، هو عقد المرابحة، وهل يلزم الآمر بالشراء مرابحة بالوفاء بوعده؟

ومن هنا يظهر لنا بوضوح أن طبيعة البحث تقتضي الكلام في مسألتين، وذلك إتماما لفائدة البحث.

إحداهما: عقد المرابحة.

والثانية: الوعد، وهل يلزم الوفاء به في عقود المعاوضات ومنها المرابحة؟ وسأحاول في بحثي هذا إن شاء الله تقصي رأي فقهاء المسلمين، السلف والخلف منهم في هاتين المسألتين.

داعيا العلي القدير أن يوفقنا جميعا لخدمة ديننا الحنيف إنه سميع مجيب.

الباحث


(١) انظر مصادر الحق في الفقه الإسلامي ١٥٤/٢ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>