للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم ربط الحقوق والالتزامات

بمستوى الأسعار

إعداد

الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية

والقاضي بمحكمة التمييز بمكة المكرمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسوله الأمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد:

فاستجابة لرغبة مجمع الفقه الإسلامي بجدة ممثلة في الخطاب الذي تفضل به علي سماحة أمين المجمع الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة برغبته في أن أكتب في الموضوعين المتعلقين بقضايا العملات الورقية وهما:

١- مفهوم كساد النقود الورقية وأثره في تعين الحقوق والالتزامات الآجلة.

٢- حدود التضخم التي يمكن أن تعتبر معه النقود الورقة نقوداً كاسدة.

وذلك لضمه مع ما يرد إلى المجمع من بحوث في هذا الصدد لعرض ذلك في الدورة المقبلة لمجلس المجمع. فقد قمت بذلك حسب الاستطاعة. أرجو الله تعالى أن يريد لي خيراً فينعم علي بالتفقه في دينه والله المستعان.

معنى الكساد في اللغة وفي الاصطلاح الفقهي:

معنى الكساد في اللغة:

قال في تاج العروس: كسد المتاع وغيره كنصر وكرم –اللغة الأولى هي المتداولة المشهورة- والفعل يكسد كساداً بالفتح وكسوداً الضم: لم ينفق. وفي التهذيب أصل معنى الكساد هو الفساد ثم استعملوه في عدم نفاق السلع والأسواق فهو كاسد. وسلعة كاسدة وكسدت السوق تكسد كساداً أو سوق كاسد بلا هاء. وأكسد القوم كسدت سوقهم كذا في اللسان (١) اهـ.

ولتحديد معنى الكساد نرجع إلى معنى النفاق حيث ذكر في القاموس وفي التاج أن الكساد عدم نفاق السلع والأسواق.

قال في التاج: نفق البيع ينفق نفاقاً كسحاب: راج، وكذلك السلعة تنفق إذا غلت ورغب فيها، ونفق الدرهم نفاقاً كذلك. اهـ.

ومما تقدم يظهر أن الكساد بمعنى رخص السلع وضعف الرغبة في شرائها وبالتالي نقص سعرها.

وقد أخذ بهذا المعنى الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسيره قوله تعالى: {وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا} [التوبة: ٢٤] حيث قال:

وتجارة تخشون كسادها – أي رخصها ونقصها وهذا شامل لجميع أنواع التجارات والمكاسب من عروض التجارات من الأثمان والأواني والأسلحة والأمتعة والحبوب والحروث والأنعام وغير ذلك (٢) اهـ.

وقال ابن العربي في أحكام القرآن في تفسير الكساد الوارد في الآية الكريمة: والكساد نقصان القيمة (٣)


(١) تاج العروس للزبيدي ٢/٤٨٥.
(٢) ٣/٢١٣
(٣) ٢/٨٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>