للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الجزائي في العقود

إعداد

الشيخ محمد علي التسخيري

ب بسم الله الرحمن الرحيم

الشرط الجزائي في العقود:

وينبغي تمحيص البحث أولاً عن الشروط وما يترتب عليها من أحكام وأثار بنحو عام، ثم دراسة الشرط الجزائي بشكل خاص.

مفهوم الشرط وبيان حقيقته:

الشرط يطلق في العرف على معنيين:

١- المعنى الحدثي، يعني الالتزام والتعهد، ففي القاموس: (أنه إلزام الشيء والتزامه في البيع وغيره) . (١)

وقد يطلق الشرط بهذا المعنى على نفس المشروط، كالخلق بمعنى المخلوق، فيراد منه ما يلتزم الإنسان على نفسه.

٢- ما يلزم من عدمه العدم من دون ملاحظة أنه يلزم من وجوده الوجود، كالطهارة للصلاة والحول للزكاة.

وفي لسان الفقهاء يطلق الشرط على كلا المعنيين، فإن إطلاقه على الشروط الوضعية يكون بالمعنى الأول وعلى الشروط الشرعية بالمعنى الثاني.

والظاهر أن الشرط له معنى واحد، وأن الأصل فيه هو نحو من الربط والشد، فإن إطلاق الشرط في جميع موارده إنما هو بلحاظ تقيد أمر بأخر وارتباطه به بنحو تكويني أو جعلي شرعي أو يجعل المتعاقدين واتفاقهما عليه. ففي المنجد:

(الشرط (مص) : إلزام الشيء والتزامه.. . . شرط الشيء: شدة وربطه) . (٢)

هل الشرط مطلق الإلزام والالتزام أو خصوص ما يكون في ضمن عقد آخر؟ الظاهر والمتبادر من الشرط هو الضمني، ولا يطلق على الابتدائي بنحو الحقيقة، فإذا التزم إتيان شيء لا يقال: شرط إتيانه أو شرط عليه ذلك. وأكثر من ذكر الإلزام والالتزام معنى للشرط قيدها بكونهما في بيع ونحوه، بل لم نجد في كلمات أهل اللغة من أطلقهما مقام التعريف، فشمول مفهوم الشرط للالتزامات الابتدائية المستقلة لا يخلو من خفاء بل منع، فإنه بناء على تفسيره بالربط والشد عدم صدقه على التعهد الابتدائي أو ما يسمى في المصطلح بـ (الوعد) أوضح من أن يخفى، إذ الربط من المعاني الحرفية القائمة بالغير والذي لا يمكن فصله عن طرفيه ولحاظه مستقلا ومجردا عنهما، وعلى تقدير تفسيره بالإلزام وللالتزام فهو مقيد بكونهما في ضمن عقد أخر. ومع الشك في الشمول فالأصل يقتضي عدم الشمول، لأن عمومه له وصدقه عليه هو المحتاج إلى الإثبات. ومما يؤيد عدم الشمول: اتفاق الأصحاب على عدم وجوب الوفاء بالتعهدات الابتدائية، والظاهر أنه ليس ذلك إلا باعتبار أن التعهد الابتدائي ليس شرطا في الحقيقة، وإنما هو وعد محض.


(١) القاموس المحيط: ٢/٣٦٨ مادة (شرط)
(٢) المنجد، ص٣٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>