للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشاركة المتناقصة وصورها في ضوء ضوابط العقود المستجدة

إعداد

الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه

جامعة دمشق - كلية الشريعة

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وبعد:

فإن الشريعة الإسلامية تأبى في جميع نصوصها ومقاصدها الانغماس في الحرام، وتحذر من مخاطره، وتهدد أو ترهب المخالفين بالعذاب في الآخرة، وسلب الخير والبركة في الدنيا من الأعمال والأفعال والعقود والتصرفات المشتملة على الحرام، وبخاصة التورط في الربا، أيا كان نوعه في بيع (أو معاوضة) أو قرض من شخص عادي أو مؤسسة مالية (مصرف) .

وتفاديا للوقوع في حمأة العصيان والمخالفة، والانغماس في وطأة الحرام، فإن البديل عن الحرام هو إباحة أي عقد مشروع لا يشتمل على الربا أو الغرر ونحو ذلك، والعمل على تجزئة الصعوبات المالية والتدرج في حل مشكلات التمويل للمشاريع المختلفة، وذلك عن طريق المشاركة الثابتة (الدائمة) أو ما يسمى بـ (المشاركة المتناقصة، وغير ذلك من أساليب أو أدوات الاستثمار المشروع القصيرة الأجل، كـ المرابحة، وبيع السلم، والإجارة المنتهية بالتمليك، والاستصناع، أو الطويلة الأجل كـ المضاربة والمشاركة والإجارة التشغيلية ونحو ذلك.

وتتم المشاركة بأن يقدم المشاركون المال بنسب متساوية أو متفاوتة، لإنشاء مشروع جديد: عقاري أو زراعي أو صناعي أو تعليمي؛ كإنشاء الجامعات الأهلية الجديدة، أو المساهمة في مشروع قائم، بحيث يصبح كل مشارك مالكا لحصة من رأس المال بصفة دائمة تستحق نصيبا من الأرباح، وتظل المشاركة قائمة إلى انتهاء الشركة، وقد يطرأ سبب أو ضائقة مالية تدفع أحد المشاركين إلى أن يبيع حصته في رأس المال للخروج أو التخارج من المشروع.

وقد يتفق الطرفان على الدخول فيما يسمى بـ (المشاركة المتناقصة، بحيث يتنازل طرف عن حصته تدريجيا مقابل سداد الشريك الآخر ثمنها على مراحل، خلال فترة مناسبة يتفق عليها، وهذه هي خطة بحث هذا الموضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>