١- قامت البنوك الإسلامية لتحقيق أمل شعوب الأمة الإسلامية، في تحقيق التنمية الشاملة في أوطانها، وذلك عن طريق قيام هذه البنوك بجمع مدخرات المسلمين وتوجيهها للاستثمار وفق منهج الله، بما يحفظ لهذه الشعوب استقلالها، ويحمي حريتها، ويكفل أسباب التقدم والرقي لها حتى تتمكن من أداء رسالتها التي صارت خير أمة أخرجت للناس من أجلها.
٢- ولقد أقبل الناس على التعامل مع البنوك الإسلامية فور قيامها، وذلك بالإيداع فيها وطلب التمويل منها. ولقد تمثلت إيداعات هذه البنوك غالبا في حسابات استثمار قابلة للسحب عليها، وودائع استثمارية قصيرة الأجل , مما اضطرت معه هذه البنوك إلى استخدام مواردها في استثمارات قصيرة الأجل تجنبًا للمحاذير التي تترتب على استخدام موارد قصيرة في استثمارات متوسطة وطويلة الأجل، وبذلك كان إسهامها في قضية التنمية دون المستوى المطلوب منها.
٣- ومن الظواهر التي صاحبت نشأة البنوك الإسلامية انعدام التوازن بين مواردها واستخداماتها في كثير من الحالات. ففي الوقت الذي تعاني فيه بعض هذه البنوك من زيادة في السيولة لا تتاح لها الفرص المناسبة لاستخدامها، ولا المجالات الملائمة لاستثمارها، يعاني البعض الآخر من نقص في هذه السيولة، تعجز معه عن مواجهة ما يتوافر لها من فرص استثمار تعينها على تحقيق أهدافها. ولقد واجهت البنوك الإسلامية بسبب ذلك صعوبات عاقت مسيرتها، وضاعفت من ذلك أن البنوك الإسلامية بوضعها الحالي ليس لها مؤسسة مالية تقوم بدور البنك المركزي بالنسبة للنظام المصرفي التقليدي، تلجأ إليه عند الشدة كمقرض أخير لها. كما أن أسواق المال القائمة في البلاد الإسلامية لا تسمح أوضاعها الحالية باستخدام البنوك الإسلامية لها أو اللجوء إليها لاستحداث التوازن المطلوب، كما تفعل البنوك التقليدية.
٤- لكل هذه الأسباب ظهرت حاجة البنوك الإسلامية الماسة، إلى وضع سياسات جديدة لموارد هذه البنوك واستخداماتها، واستحداث أدوات مالية مبتكرة تمكنها من تنفيذ هذه السياسة، وتتفق مع مقاصد الشريعة العامة وقواعدها الكلية، وتمكن هذه البنوك من المساهمة الجادة في قضية التنمية الشاملة.
٥- وتحقيقا لهذه الغاية فقد عقدت ندوات، وحلقات بحث، ومجموعات عمل؛ قدمت فيها بحوث ودراسات لمعالجة هذه القضية. وقاد البنك الإسلامي للتنمية بجدة الجهود الرامية إلى استحداث أدوات مالية إسلامية، فكون مجموعات خبراء تضم علماء الاقتصاد وخبراء المال، وأساتذة الشريعة، وقد ظلت هذه تعمل على مدى عامين، حتى قدمت مشروعا للأدوات المالية الإسلامية القائمة على أحكام الشريعة، قدمته للاجتماع السابع للبنوك الإسلامية المنعقد في عمان في ٢١ مارس عام ١٩٨٦، ثم تبع ذلك تبني البنك نفسه لصيغ تطبيقية، تقوم على أساس هذه الأدوات.
٦- وهذا البحث دراسة لنتائج هذه البحوث والدراسات، وتوصيات هذه الندوات واللجان، والصيغ التي استحدثت بناء عليها، والأدوات المالية التي صدرت تطبيقا لها، وذلك كله في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية.