لقد ورد في وثيقة استفسارات البنك الإسلامي للتنمية، بأن عمليات القروض التى يقدمها البنك الإسلامي للتنمية لمشروعات البنية الأساسية هى قروض طويلة الأجل، تتراوح مدة الوفاء بين خمسة عشر وثلاثين عامًا. والتزامًا بأحكام الشريعة الإسلامية فإن البنك لا يتقاضى فوائد على تلك القروض، غير أنه بناء على ما نصت عليه اتفاقية تأسيسه يتقاضى البنك رسم خدمة لتغطية مصاريفه الإدارية.
وبناء على ما ورد من وثيقة البنك الإسلامى فإن المصارف الإسلامية تقوم كغيرها من المصارف العالمية بقروض لحرفائها، ونحن نعلم أن القرض هو دفع مال معلوم عينيا كان أو عرضًا أو حيوانًا في مماثل الذمة لغرض نفع المعطى له (بالفتح) فقط دون المعطى (بالكسر) ، وهو المطلوب شرعًا لأنه من التعاون على البر المعروف.
وهذا النوع من التعامل هو الذى كان أهل الورع يتهربون منه بمجرد شم رائحة النفع، وهو يعرف في الفقه الإسلامى بـ (سلف جر نفعًا) وهو محرم بإجماع المسلمين، مما أدى إلى التهرب من كل ما عسى أن يكون في النهاية مؤديًا إلى هذا النفع عملًا بما ورد في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يقع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه)) . وقد ورد في صدد الربا قوله تعالى:{إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} . والربا لغة الزيادة واصطلاحًا هو ما كانت العرب تفعله من قولهم للغريم: أتقضى أو تربى، فكان الغريم يزيد في المال، ويصبر عليه الطالب. وهذا محرم باتفاق الأمة.
ونحن نخشى أن لا يكون هناك فرق فيما تقدمه المصارف العصرية من قروض مع الفائض أي زيادة وما تقدمه المصارف الإسلامية من قروض. خصوصًا إذا ما شهدنا وأن هنالك نوعا من الغموض فيما يتعلق بالمبلغ المقطوع الذى يتقاضاه المصرف الإسلامي للتنمية مقابل خدماته لتغطية مصاريفه الإدارية. وحسب رأيي يحتاج هذا إلى نوع من تبين وإيضاح لا شبهة فيه.
وخلاصة القول إذا ما كانت المصارف الإسلامية تقدم خدماتها وفقًا للشريعة فهذا يكون متمشيًا مع الدين الحنيف. وإلا فحكمها يكون كحكم المصارف المعاصرة الربوية. وعلى هذا الأساس أقول بصفة التنبيه: أن الله تعالى قد أوصى الأغنياء بالفقراء أو جعل لهم حقًا معلومًا في أموالهم، وشرع القرض لإغاثة الملهوفين وإعانة المضطرين.
ولا شك أن للمصارف الإسلامية دورًا فعالًا لتنشيط هياكل الاقتصاد للدول الإسلامية النامية وتوحيد شمل المسلمين وانتشالهم من السعي وراء الاقتصاد الذى يريد أصحاب رؤؤس الأموال الربوية فرضها على المسلمين لحملهم على التخلى عن عقيدتهم بفتح باب الشهوات لضعاف الإرادة والقضاء على ما بقي من ثرواتهم وبالتالى من الواجب على المصارف الإسلامية افتراض وجودها على الصعيد العالمى لحمل راية الإسلام في المعارك الاقتصادية. فاعملوا فسيرى الله عملكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.