تبين مما تقدم أن المصرف الإسلامى يلتزم جانب الحلال في أعماله ومعاملاته كلها، ويتجنب الحرام فيما يقوم به من مشاركة واستثمار وتنمية الأموال المدفوعة إليه، ويساهم في سد حاجة المحتاج عن طريق القروض الحسنة غير المقترنة بشرط دفع فائدة ربوية، أو تحقيق منفعة على حساب المقترض، فليطمئن المسلم على سلامة تعامله مع المصارف الإسلامية شرعًا، أخذًا وعطاء، إنتاجًا واستثمارًا، على أساس المشاركة المنتهية بالتمليك أو المساهمة.
إذ من المعلوم شرعًا أن العقد الجائز أو المباح يصح للإنسان المسلم إبرامه، والأصل في المعاملات والعقود: الإباحة. وأما التعامل أو العقد المحظور شرعًا كالعقد الفاسد أو الباطل، مثل البيع المشتمل على الربا، فيحرم الاقتراب منه، ويلزم اجتنابه، حتى ولو كان عقدًا صحيحًا في الظاهر، لكنه يستهدف غاية محظورة أو ممنوعة شرعًا، فمن المبادئ الشرعية أو الأصولية: مبدأ سد الذرائع إلى الحرام فكل ما أدى إلى الحرام أو كان وسيلة إليه، فهو حرام محظور شرعًا.
والإسلام يجيز كل ما يحقق حاجات الناس، ولا يحجر على أحد الربح المعقول شرعًا. وهو ما كان دون الخمس أو الثلث، وربما اشتبه على بعض الناس الوقوع في معنى الحرام أو الربا في بعض المعاملات، وهذا صحيح، ولكن الإسلام يمنع التصريح بالربا أو اشتراط الفائدة، ولكنه لا يمنع التوصل إلى المقصود بأسلوب شرعي مباح، فمثلًا البيع بالتقسيط أو بثمن مؤجل أكثر من السعر الحال أو النقدى المعجل، قد يقال: أنه حرام، لما فيه من زيادة في السعر على ثمن الحال، ولكن فقهاء الإسلام ما عدا بعض الزيدية أجازوه رعاية للحاجة، ولأنه لا يقصد به الاستغلال والتضييق على المضطر أو المحتاج، وإنما على العكس فيه رعاية لحاجة المشتري الذى لا يملك الثمن الكلي للسلعة، وهو بحاجة إليها.
والعمولة على الخدمات المصرفية قد يتوهم أنها فائدة أو ربا حرام، مع أنها أجر على عمل، ما لم ينص صراحة على الفائدة، ومعظم الخدمات المصرفية التى يقوم بها المصرف للعملاء جائز على أساس الإجارة والوكالة بأجر، والإجارة نوعان: إجارة منافع الأعيان، وإجارة الأشخاص، فإيجار الخزائن الحديدية أو المخازن تتضمن منافع الأعيان، وقيام موظفى المصرف بالعناية بهذه الأماكن يتضمن إجارة الأشخاص. وما عدا إيجار الخزائن الحديدية والاعتمادات المستندية من الخدمات المصرفية، يعتبر وكالة على عمل معين، وقد يجتمع مع الوكالة كالكفالة، كما في خطابات الضمان.
لكل ما سبق أرى أن التعامل مع المصارف الإسلامية حلال شرعيًا، لا شبهة فيه، وهو طريق لتنمية الأموال القليلة وإفادة أصحاب الدخل المحدود.