للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسواق المالية

من منظور النظام الاقتصادي الإسلامي

(دراسة مقارنة)

إعداد

سعادة الدكتور نبيل عبد الإله نصيف

عضو مجلس الإدارة المنتدب

بمصرف فيصل الإسلامي البحريني

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إن الاقتصاد الإسلامي بفروعه المختلفة جزء من كل لا يمكن أن يقوم منفردا عن النظام الإسلامي الشامل المرتبط ارتباطا وثيقا بالعقيدة، والملتزم بشريعة الخالق سبحانه وتعالى القائل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ، فهو دين الشمولية والعدل والتوسط، فهو يجمع بين مادية الدنيا وروحانية الآخرة في نظام متكامل يغطي جوانب الحياة التي يحتاجها بنو البشر.

ورغم الفترة القصيرة للتطبيق العملي للاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث من خلال المؤسسات المالية الإسلامية في أقل من العقدين الأخيرين من الزمن إلا أن تلك المرحلة الأولى التي خاضت فيها المؤسسات المالية معركة التأسيس وإثبات الذات حيث كان من نتائجها انتشار المؤسسات المالية الإسلامية على المستوى الدولي فقد بلغ عددها أكثر من مائة مؤسسة مالية إسلامية في أنحاء العالم الإسلامي وغير الإسلامي وكذلك الاعتراف الدولي بهذه المؤسسات وقبول النظام لإسلامي في المعاملات المصرفية العصرية حيث أنشأت كبرى المؤسسات المالية الدولية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسويسرا وغيرها أقساما متخصصة لدراسة هذه الظاهرة الجديدة وكان من نتائجها قيامهم بتسويق منتجات وعمليات جديدة تراعي الضوابط الإسلامية، وذلك بهدف اجتذاب رءوس الأموال الإسلامية، التي يرغب أصحابها في توظيف أموالهم في استثمارات وعمليات حلال ضمن إطار أحكام الشريعة الإسلامية.

أما المرحلة الثانية التي تمر بها هذه المؤسسات فهي مرحلة الثبوت، والتي تتطلب مواكبة التغيرات التي تمر بها الصناعة المصرفية في العصر الحديث، وهي تغيرات سريعة قائمة على التقنية والتفكير والاختراع والإبداع والخيال الواسع المتجدد الذي يعمل باستمرار في تقديم المنتجات الجديدة ويقوم بتطوير الخدمات المساندة التي تناسب كل عميل حسب احتياجاته، وبما أن المصارف تلعب دورا أساسيا في حركة السوق المالية وتطورها حيث تقوم بدور الوسيط بين أصحاب رءوس الأموال الفائضة وبين المؤسسات التي تحتاج لتلك الأموال، لذا فإن المرحلة الثالثة من حياة البنوك الإسلامية هي العمل على تطوير الأدوات المالية لتنافس جنبا إلى جنب البنوك التقليدية العريقة في السوق على تطوير الأدوات المالية لتنافس جنبا إلى جنب البنوك التقليدية العريقة في السوق المالية المعاصرة. ونظرا للأهمية القصوى لهذا الموضوع قامت مؤسسات إسلامية ومؤسسات مالية أخرى بجهود كريمة لدفع هذه العجلة حتى تتكامل هذه الأعمال لتعلن ميلاد السوق المالية الإسلامية. وحيث إن موضوع الأسواق المالية من منظور النظام الإسلامي موضوع واسع مترامي الأطراف، فهو يقتضي البحث والمقارنة في الأسواق المالية المعاصرة والتي شهدت نموا مذهلا في غضون السنوات العشر الأخيرة، نتيجة لتحررها من القيود الحكومية، وقيام المؤسسات المالية الدولية.

<<  <  ج: ص:  >  >>