للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُسن وفاء الديون

وعلاقته بالربط بتغير المستوى العام للأسعار

إعداد

الدكتور صالح بن زابن المرزوقي البقمي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد:

فهذا بحث في (حسن وفاء الديون) (في القروض، وثمن البيع المؤجل والمهر المؤخر) وعلاقته بالربط بتغير المستوى العام للأسعار.

من سماحة الإسلام، ومن أبرز سمات التكافل الاجتماعي بين المسلمين، أن شرع الله القرض، ورغب فيه، بل حث عليه، وجعل أجره عظيماً، وفضله كبيراً، وحكمه أنه مندوب إليه في حق المقرض، مباح للمقترض. وقد اقترض رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة. وحض على حسن التقاضي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى)) (١)

كما بين صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء من خيار الناس، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، ثم قام خطيباً، فذكر الحديث إلى أن قال: ((ألا وخيرهم الحسن القضاء، الحسن الطلب، ألا وشرهم سيئ القضاء وسيئ الطلب)) . (٢)

والأمر بحسن التقاضي والسماحة في المعاملة لا يختص بالمدين المعسر، بل شامل له وللموسر، ولكن المعسر أولى.

ومن حسن الوفاء الزيادة في القرض إذا لم تكن مشروطة. وقد طبق ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى مسلم عن أبي رافع ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً (٣)

فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً (٤) فقال: أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء)) . (٥)


(١) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري ٤/٣٠٦.
(٢) الترغيب والترهيب. للمنذري ٢/٥٦٤ – ٥٦٥، رقم الحديث ١٢. قال الترمذي: حديث حسن.
(٣) البكر – بفتح الباء-: الفتي من الإبل كالغلام من الآدميين، والأنثى بكرة.
(٤) رباعياً: الرباعي من الإبل ما أتى عليه ست سنوات ودخل في السابعة حيث طلعت رباعيته
(٥) صحيح مسلم بشرح النووي ٤/١١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>