للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرخصة (التلفيق)

إعداد

الشيخ خليل محيي الدين الميس

مفتي البقاع ومدير أزهر لبنان

بسم الله الرحمن الرحيم

(التلفيق)

جاء في تعريف التلفيق: بأنه الإتيان بكيفية لا يقول فيها مجتهد.

بيانه: بأن يلفق في قضية واحدة بين قولين أو أكثر يتولد منهما حقيقة مركبة لا يقول فيها أحد، سواء الإمام الذي كان على مذهبه أو الإمام الذي انتقل إليه، فكل واحد منهم يقر ببطلان تلك الحقيقة الملفقة في العبادة.

قلت باستقراء المسائل التي عرض فيها الأصوليون والفقهاء لصور مسألة التلفيق أمكن حصرها في الصور التالية:

أولًا: التقليد بعد الفعل. ويقصدون بهذه العبارة: إذا عمل العامي بقول مجتهد في حادثة، هل الرجوع عنه أو لا؟ أو بعبارة أخرى: إذا قلد العامي إمامًا من الأئمة ثم أراد تقليد غيره فهل له ذلك؟.

ثانيًا: إذا تعدد المجتهدون وتفاضلوا هل يجب على العامي تقليد الأفضل أو المفضول؟

ثالثًا: هنالك مسألة أصولية مفادها: إذا اختلف الفقهاء في مسألة على قولين هل يجوز إحداث قول ثالث؟

رابعًا: التلفيق الذي يترتب عليه نقض حكم الحاكم هل يجوز أم لا؟

خامسًا: جواز الانتقال في آحاد المسائل والعمل فيها بخلاف مذهب إمامه (١) .

بعد هذا كله هل مبدأ التلفيق يقول به العلماء؟ وما هي الصور التي يجوزون فيها التلفيق – إن إجازوه – ومتى يمتنع التلفيق مطلقا؟

وهنا تختلف أقوال الفقهاء والأصوليين:

فمن حيث المبدأ.. ترى الفقهاء الذين لا يقرون التقليد لا في الأصول ولا في الفروع أسقطوا هذه المسألة من حسابهم جملة وتفصيلاً.. كالشوكاني ومن سار على نهجه، لأن التلفيق ضرب من التقليد المذهبي، وهذا ما نراه واضحا في غير مصنف لهم، ومن ذلك على سبيل المثال في (إرشاد الفحول) (والقول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد) كما لا نرى لهذه المسألة ذكرًا في كتب الظاهرية. (وأما القائلون بجواز التقليد هم الذين أوردوا هذه المسألة في كتبهم.. وبخاصة كتب أصول الفقه بمناسبة بحث (الاجتهاد أو المفتي والمستفتي) .


(١) ابن أمير حاج: التقرير ٣ / ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>