الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخوخة واحدة من أهم المشكلات التي تواجه الإنسان في العصر الحديث، فمع تقدم الطب وعلومه واستعمال العقاقير الحديثة، أصبح بالإمكان القضاء على كثير من الأمراض، وتقدمت سبل الوقاية من الأمراض، مما أدى إلى رفع معدل العمر الوسطى للإنسان، وازدياد عدد المسنين زيادة كبيرة، وباتوا يشكلون نسبة هامة من المجتمعات لها مشاكلها وهمومها وآثارها على المجتمع، واحتلت الشيخوخة مكانًا بارزًا في لائحة اهتمامات الأمم والشعوب والحكومات، إلا أن الدول النامية، ومنها عالمنا العربي والإسلامي، لم يعط اهتمامه الكافي بعد لهذه المشكلة الهامة، وهذا أمر مؤسف للغاية، إذا لا نكاد نرى دراسة أو بحثًا جدّيًا موجهًا نحو هذا الموضوع، في الوقت الذي أخذ فيه هذا الموضوع من اهتمامات الدول المتقدمة حيزًا كبيرًا، فوُضعت للشيخوخة برامج وخطط حكومية، وأجريت حولها البحوث والدراسات، وأقيمت لأجلها المشافي والدور الخاصة، وتفردت الشيخوخة باختصاص متميز يختص به الأطباء في العديد من دول العالم يسمى:(طب الشيخوخة) .
ولعل السبب في عدم الانتباه لموضوع المسنين والانشغال عنهم، هو ما يجده المسنون في المجتمعات الشرقية من الرعاية والاحترام والعناية من قبل العائلة، بحيث لا يشكلون مشكلة اجتماعية كبيرة، ولا يزالون قادرين على لعب دورهم الاجتماعي في الحياة، في ظل التعاليم السماوية والعادات والتقاليد التي تجلهم وتدعو لاحترامهم.
ولكن اتجاه مجتمعنا نحو التصنيع، وتأثير العلم والتكنولوجيا عليه، وما بدأ يظهر من هجرة سكان الريف إلى المدينة، وتضخم المدن وما يظهر من تغيرات في العادات والتقاليد، وبداية تفكك الروابط الأسرية والأواصر العائلية، كل هذا يجب أن يحفزنا على الإعداد الكافي لمواجهة ما قد يلاقينا من مشاكل مستقبلية في هذا المجال.