للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرف بين الفقه والتطبيق

إعداد

د. عمر سليمان الأشقر

المدرس بقسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية

بكلية الشريعة والدراسات الإِسلامية

جامعة الكويت

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة بين يدي البحث

الحمد لله الذي هدانا بفضله إلى دينه الخاتم، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد خاتم أنبيائه ورسله الذي حمل الرسالة، وبلغ الأمانة، وعَرَّف بالحق، وأنار الدرب، وعلى آله وصحبه منارات الهدى ومصابيح الدجى، وعلى من اتبع هديه، وسار على دربه، وبعد:

فإنَّ علماء الشريعة مطالبون بإعطاء موضوع هذا البحث حقَّه من الدراسة في مجالسهم ومجامعهم، وقد أحسن مجمع الفقه الإِسلامي عندما اختار هذا الموضوع ليكون واحدًا من الموضوعات التي تطرح للبحث في دورة المجلس هذه.

وأرى أنَّه لا يحسن بعلماء المجمع الكرام أن يخوضوا في جزئيات مسائل العرف مما قتله علماؤنا بحثًا في مدوناتهم ومؤلفاتهم، فذاك أمر قد فرغ منه أهل الفقه والعلم والبحث فيه لن يأتي بجديد، ولن يعالج مشكلًا.

والذي أرى أنَّه يحسن بنا في هذه الدورة بحثه في موضوع العرف أمران:

الأول: تغيير الأحكام التي تقوم على العرف، وإلى أيَّ مدى يراعي الفقهاء فيما يصدرونه من أحكام وفتاوى عرف الناس وعوائدهم.

وقد وجدت جمعًا من الفقهاء الثاقبي النظر على مختلف المذاهب والعصور يَضِجُّون بالشكوى من كثير من معاصريهم من أهل الفقه الذين جمدوا فيما يصدرونه من فتاوى وأحكام على ما أصدره سلفهم، على الرغم من تغيُّر عرف الناس وعوائدهم في المسائل المبنية على العرف.

إنَّ الجمود على أحكام وفتاوى السابقين في المسائل التي مَدْركها العرف أوقع الناس في حرج شديد، وضيق أكيد، جعل الفقهاء الأعلام في كل عصر ومصر يشنون حملات شديدة في دروسهم ومؤلفاتهم على أولئك الذين أوقعوا المسلمين في هذا الحرج، ونسبوا للشريعة أحكامًا تتصف بالقسوة والجمود والظلم، وحَرِيُّ بهذا المجمع الكريم أن يلفت أنظار الباحثين والدارسين والمفتين والقضاة في العالم الإِسلامي كي يتنبهوا إلى هذا الموضوع ويعطوه حقه من الرَّعاية والاهتمام، وفق الضوابط الشروط التي وضعها علماؤنا وفقهاؤنا في هذا الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>