للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوقاف "الأحباس"

وأحكامها وأقسامها ومواردها ومصارفها

إعداد

سماحة الشيخ عبد الله سليمان بن منيع

عضو هيئة كبار العلماء وخبير بمجمع الفقه الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والشكر لله الذي مَنَّ علينا بالهداية إلى الإيمان والاتصاف به، والثناء لوجهه الكريم ذي الجلال والإكرام، والصلاة والسلام على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد الرسول الأمين والرحمة المهداة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

لا شك أن الإسلام يتميز بنظرته إلى الفرد والمجتمع نظرة تقدير، ورعاية، وعناية بحقوقهما معاً، بحيث لا تطغى مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة، ولا مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد، وبحيث يتحقق في ظله التعايش الأخوي بين مجتمعاته المختلفة في الأجناس والألوان والمشارب، بحيث يشعر الفرد أنه جزء من مجتمعه يسره ما يسره، ويسوؤه ما يضره، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:١٠] .

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)) (١) .

كما أن الإسلام يؤكد على الفرد حكمة وجوده في هذه الحياة، وأنه يتميز على سائر المخلوقات بخصائص تتعلق برابطته بربه، ورابطته بأهله ومجتمعه، وبرابطته بحياته الآخرة، وبمستلزمات ومقتضيات هذه الروابط من حيث التزود بما تقوى به تلك الروابط، ويصلح أن يكون وسيلة للسعادة، وتحصيل مرضاة الله، واتصال عمله في حياته الدنيا بحياته الآخرة.


(١) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره. (صحيح البخاري مع فتح الباري: ١ / ٦٧٤) . وأخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم. (صحيح مسلم مع شرح النووي: ١٦ / ١٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>