للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا جاء الترغيب والحث على الوقف والوصية بالإنفاق منهما على جهات البر والإحسان انطلاقاً من مبدأ الأخوة الإسلامية، ومن نظرة الإسلام إلى المال بصفته وسيلة لخدمة الإنسان وعمارة الكون.

ذلك أن المال إكسير الحياة وجوهرها، والإسلام ينظر إلى المال نظرته إلى الوسيلة المحققة للغاية، فهو يعتبر المال عنصراً هاما من عناصر عمارة الأرض، واستتباب الأمن، ورخاء البشر، والتمكن من تحقيق حكمة الله تعالى في خلق الثقلين الجن والإنس، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦] .

وفي تشريعات الإسلام وقواعده وأصوله إحكام القضاء على تكدس الثروات في أيدي قلة من الناس يتحكمون بها في إشباع شهواتهم ورغباتهم، وما يتبع ذلك من نزوات الظلم والبغي والعدوان، واستعباد الناس فرادى وجماعات في المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأخلاقية، والإعلامية، وقضايا التسلط والاعتداء وشراء الذمم.

جاء الإسلام بتشريعات حكيمة قضى فيها على تكدس الثروات في أيدي القلة من الناس فتوزعت على أكبر عدد ممكن من عباد الله لتكون لهم قواماً.

ومن هذه التشريعات الحكيمة العادلة ما يلي:

١- توزيع ثروات من يتوفى على ورثته من بعده كل بقدر حصته الإرثية، ومكانة قربه من المتوفى، وعلم المواريث ينظم هذا التوزيع بما فيه من أحكام وفروض.

٢- الحض على الوصية للوالدين، والأقربين، وجهات البر والخير والإحسان ليتم إنفاذها بعد الموت فتستفيد بذلك تلك الجهات.

٣- الحض على الصدقات، والصلات، والإنفاق في سبيل الله، وفي وجوه البر والإحسان، وأفضل ذلك ما كان من صحيح شحيح قادر.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: ((أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان)) (١) .

٤- الحض على إطعام الفقراء والمساكين، ورعاية اليتامى، والمعاقين، والأيامى من النساء والأرامل.

٥- وجوب الزكاة كل عام في الأموال الزكوية من أنعام، وأثمان، وعروض تجارة، وفي الخارج من الأرض عند حصاده أو جذاذة مما يعتبر مالاً زكويًّا.

٦- الحض على الوقف على وجوه البر، وعلى المحتاج من الأقارب، وعلى المرافق العامة والخاصة من مدارس، ومكتبات، ومستشفيات، ومساجد، وأربطة، ودعوة إلى الله باللسان، والقلم، والسنان.


(١) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب فضل صدقة الشحيح الصحيح. (صحيح البخاري مع فتح الباري: ٣ / ٣٣٤) ؛ وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب: بيان أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح. (صحيح مسلم مع شرح النووي: ٧ / ١٢٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>