الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فقد أقرت القوانين الوضعية الحديثة مايسمى بحق الملكية الأدبية والفنية والصناعية، مثل حقوق التأليف، وحق الرسام في لوحاته المبتكرة، وبراءة الاختراع، والعلامات التجارية الفارقة، والاسم التجاري والترخيص.
فلا يجوز لأحد المساس بهذا الحق أو الاعتداء عليه، ويجوز لصاحبه أن يتنازل عنه في مقابل عوض مالي أو نقدي، بسبب الشهرة التي أحدثها صاحبه في محل الحق، وحق الرواج في الأسواق للأشياء التي تحمل اسمه، بناءً على ترخيص من الدولة، وحمايةً منه لهذه الحقوق.
والسؤال الآن، هل يجوز بيع هذا الحق؟ وخصوصًا بيع الاسم التجاري والترخيص الممنوح من الدولة بإقامة مصنع أو فتح متجر مثلًا.
يمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال ما أبانه فقهاؤنا في تعريف المال والملك، وضوابط التمول، والاعتياض عن الحق.
للفقهاء في هذا اتجاهان: الأول لمتقدمي الحنفية،والثاني لمتأخري الحنفية وجمهور الفقهاء.
أما الاتجاه الأول لمتقدمي الحنفية: فهو أن الشيء لايعد مالًا إلا بتوافر عنصرين فيه، وهما: إمكان الحيازة والإحراز، وإمكان الانتفاع به أو عرفًا، فلا يعد مالًا ما لا يمكن حيازته وإحرازه كالأمور المعنوية كالعلم والصحة والشرف، وكذا كل ما لا يمكن الانتفاع به إما لضرره وفساده كلحم الميتة والطعام المسموم أو الفاسد، وإما لتفاهته كحبة حنطة أو قطرة ماء، وهذا يعني أن المال عند هؤلاء يقتصر على ما له صفة مادية محسوسة، أما المنافع والحقوق فليست أموالًا وإنما هي ملك، لا مال؛ لعدم إمكان حيازتها بذاتها، وإذا وجدت فلا بقاء ولا استمرار لها؛ لأنها معنوية، وتنتهي شيئًا فشيئًا تدريجيًا إذا لم تستوف المنفعة مع مرور الزمان المتجدد.