للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحث

فضيلة الدكتور إبراهيم فاضل الدبو

الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة بغداد

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد:

يعتبر موضوع البحث هذا (حكم إجراء العقود بوسائل الاتصال الحديثة) من المواضيع المهمة في هذا العصر حيث يأتي تلبيةً لبيان حكم الشريعة الإسلامية في مسائل مهمة من حاجات المجتمع اليومية. ومن هذه المسائل المستجدة التي أصبحت واقعًا ملموسًا يتعامل بها الناس، تلك الوسائل التي جاد بها الفكر البشري حيث يسرت الاتصال بين أرجاء المعمورة فاختصرت المسافات الشاسعة وأصبح بمقدور الإنسان في الشرق أن يخاطب أخاه في الغرب في لحظات معدودة.

وقد استخدم الإنسان تلك الوسائل التي يسرت عليه الاتصال في أموره الخاصة والعامة. ومن بين تلك الأمور إجراء عقوده المالية والتجارية والشخصية أحيانًا.

وبما أن شريعتنا الغراء قد عُرِفت بشموليتها وصلاحيتها لكل زمان ومكان، لذا سأحاول من خلال بحثي هذا المتواضع بيان آراء فقهائنا الأعلام في حكم تلك العقود التي تجري عبر تلك الوسائل، كما أنني سأشير في هذا البحث إلى بيان موقف فقهاء القانون الوضعي في هذه المسائل.

والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم ومنه أستمد العون.

إنه حسبي ونعم الوكيل.

العقد لغة:

يطلق العقد في اللغة على عدة معان، وكلها تعني الربط الذي هو نقيض الحل. جاء في تاج العروس: (عقد الحبل بعقده عقدًا فانعقد، شدَّه، والذي صرح به أئمة الاشتقاق أن أصل العقد نقيض الحل) (١) .

وقال صاحب القاموس المحيط: (عقد الحبل شدَّه) (٢) . وجاء في مختار الصحاح: (عقد الحبل والبيع والعهد فانعقد) (٣)

والملاحظ على التعريف الأخير أن المعرّف جمع في تعريفه هذا بين الاستعمالين لكلمة عقد، الاستعمال الحسي الذي هو الربط كربط الحبل وبين الاستعمال المعنوي، وهو الربط بين الإيجاب والقبول في عقد البيع. كما أنه أدخل في التعريف الإطلاق الثالث لكلمة عقد الذي يراد به الضمان والعهد، يقال، تعاقد القوم بمعنى تعاهدوا، وهو أيضًا من قبيل الاستعمال المعنوي.


(١) تاج العروس للعلامة محمد مرتضى الزبيدي، مادة عقد.
(٢) القاموس المحيط لمجد الدين الفيروز آبادي، مادة عقد.
(٣) مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، مادة عقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>