للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم ينفرد بهذا التعريف الشيخ الرازي، فالكثير من العلماء قد جمع بين المعنيين الحسي والمعنوي للفظ عقد، قال الزبيدي في معجمه: (عقدت الحبل فهو معقود وكذلك العهد ومنه عقد النكاح) .

وقد ذهب القرطبي إلى هذا الاستعمال أيضًا حيث قال: (العقود: الربوط، واحدها عقد، يقال: عقدت العهد والحبل وعقدت العسل فهو يستعمل في المعاني والأجسام) (١) .

قال الحطيئة:

قوم إذا عقدوا عقدًا لجارهم

العناج وشدوا فوقه الكربا

والعقد كما يذكر القرطبي يشمل ما عقده المرء على نفسه من بيع وشراء وغيرها من المعاوضات مما يتعلق به حق العباد ويشمل عقود الإسقاطات أيضًا كالطلاق والعتاق، وكذا يشمل المناكحات. ويشمل ما عقده المرء على نفسه لله تعالى من الطاعات كالحج والصيام والاعتكاف والقيام وما أشبه ذلك (٢)

وقد ذكر بعض المفسرين أن العقد حقيقة في الربط الحسي كربط الحبل ونحوه ومجاز في الربط المعنوي.

قال الجصاص: (إن العقد كان في أصل اللغة الشدّ ثم نقل إلى الأيمان والعقود، عقد المبايعات ونحوها) (٣) .

وقال الآلوسي: (أصل العقود الربط محكمًا ثم تجوّز به عن العهد الموثق) (٤) .

إلاَّ أن ما نقلناه عن كتب أهل اللغة يدل على إطلاق العقد على الربط المعنوي إطلاقًا حقيقيًّا، وهذا ما ذكره صاحب مختار الصحاح وغيره.


(١) الجامع لأحكام القرآن: ٦/٣٢.
(٢) انظر القرطبي في المصدر السابق أيضًا.
(٣) أحكام القرآن: ٣/٢٨٥.
(٤) تفسير روح المعاني: ٦/٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>