للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجالات الوحدة الإسلامية

وسبل الاستفادة منها

إعداد

الأستاذ مصطفى الفيلالي

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين

تمهيد:

قضت الحكمة الإلهية بأن تكون الدعوة المحمدية كونية الطابع، شمولية التوجه تأليفية المقاصد، موجهة إلى الناس كافة في مشارق الأرض ومغاربها، وأن تأتي في أعقاب الأديان السماوية الإقليمية، تحمل إلى البشرية كلها رسالة التوحيد في ركنيها توحي الإيمان بالله الأحد الصمد الذي لا إله إلا هو، ولا شريك له في الأرض ولا في السماء، وتوحيد الأمة في نبذها الشرك واعتصامها بحبل الإيمان الموحد، وفي سعيها المشترك إنشاء مجتمع رشيد.

{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} . (١) .

فكان من المقاصد السامية للدين أن يعمل على توحيد البشر وتأليف قلوبهم بفضل توحيد الإيمان بالله، واشتراكهم في الإذعان لأوامره ونواهيه بفضل التفافهم حول المفاهيم السامية والقيم الأساسية الواردة في الكتب المنزلة على لسان الأنبياء والرسل، صلوات الله عليهم أجمعين.

ولكن الناس قد تفرقت بهم السبل، وزاغت بهم مقاصد الحياة الدنيا عن جادة الوحدة وتفاوتت بينهم مراتب الإيمان والتقوى، فعادوا غثاء وشتاتا، وشعوبا وقبائل (بغيا بينهم) .

{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} . (٢) .

وفي هذا الاختلاف قضاء من المولى سبحانه وتعالى، وسنة من سنن الكون الباقية من أجلها أنزل الوحي وأرسل النبيون، وتفاوتت الشعوب، وتنافست الأمم، وتقاسمت بها السبل.

{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (٣) .


(١) الانبياء: الآية (٩٢)
(٢) يونس: الآية (١٩)
(٣) هود: الآية (١١٨-١١٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>