للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحكيم في الفقه الإسلامي

إعداد

الشيخ محمد علي التسخيري

الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت بإيران

والشيخ علي عندليب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين، وبعد:

فقد يمكن القول بأن التحكيم يشكل ظاهرة بشرية عامة لا تختص بها أمة دون أمة، ومن هنا فقد كان التحكيم شائعا بين قبائل العرب في الجاهلية بل ربما اعتبر الشكل الرئيسي السائد للعدالة والقضاء بين الأفراد في مجتمع كان الحق فيه متوقفًا على القوة في غالب الأحيان (١) .

(والمنافرة) هي إحدى عادات العرب القديمة والتي تتم بعد تنازع رجلين في الشرف ولجوئهما إلى حكماء يحكمون بتفضيل الأشرف منهما، ومن أشهر المنافرات منافرة عامر بن الطفيل مع علقمة بن علاثة على رئاسة القبيلة إذ حكما هرم بن قطبة الفزاري (٢) .

وقد جوز الشرع الإسلامي ذلك على تفصيلات سنذكرها فيما يلي بعد تقديم التوضيحات:

معنى التحكيم

معنى التحكيم في اللغة:

قال الخليل (٣) : وحكمنا فلانا أمرنا؛ أي يحكم بيننا.

قال ابن دريد (٤) : يقال حكمت فلانا في كذا وكذا تحكيمًا، إذ جعلت أمره إليه.

قال الجوهري (٥) : حكمت الرجل تحكيما إذا منعته مما أراد، ويقال أيضًا: حكمته في مالي، إذ جعلت إليه الحكم فيه.

قال ابن فارس (٦) : يقال: حكمت فلانًا تحكيمًا، منعته عما يريد، وحكم فلانا في كذا، إذا جعل أمره إليه.

قال ابن منظور (٧) : وحكموه بينهم، أمروه أن يحكم، ويقال: حكمنا فلانًا فيما بيننا أي أجزنا حكمه بيننا.

قال الفيروزآبادي (٨) : وحكمت الرجل (بالتشديد) فوضت الحكم إليه.

فالتحكيم في اللغة هو تفويض الأمر وجعله إلى الغير ليحكم، وهذا المعنى بعينه هو معنى التحكيم اصطلاحا مع زيادة، وإليك نصوص الفقهاء:

قال الشيخ (٩) : إذا تراضى نفسان برجل من الرعية يحكم بينهما وسألاه الحكم بينهما ....


(١) الأوضاع التشريعية في الدول العربية ص ٢١٢ وما بعدها
(٢) بلوغ الأرب للألوسي ج ١ ص ٢٨٧ وما بعدها
(٣) العين، ج ٣، ص ٦٧
(٤) جمهرة اللغة ج ٢، ص ١٨٦
(٥) الصحاح، ج ٥، ص ١٩٠٢
(٦) مقاييس اللغة، ج ٢، ص ٩١.
(٧) لسان العرب، ج ١٢، ص ١٤٢
(٨) القاموس، ص ٥٣٧.
(٩) الخلاف، كتاب آداب القضاء، المسألة ٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>