لسنا في حاجة إلى التذكير بما سبق أن قدم في هذا الموضوع لدورات المجمع وندواته العلمية من أبحاث عديدة على مدار فترة زمنية طويلة ومتتابعة من رجال الفقه ورجال الاقتصاد، دارت حولها مناقشات مطولة تناولت موضوع التضخم من جوانبه المختلفة؛ أهميته وأسبابه وآثاره وطرق علاجه، وموضحة موقف الإسلام من هذه الظاهرة المرضية، ومن الحلول المطروحة لعلاجها.
وعند كتابة هذه الورقة يمكننا أن نحدد أين نحن هذه اللحظة في هذا الطريق، لقد تمّ التعرف الجيد على القضية من الناحية النظرية الفنية (الاقتصادية) ، ومن الناحية العملية الواقعية، كذلك تم التعرف على مواقف الاقتصاديين حيال علاج هذه الظاهرة.
ثم قام الفقهاء ورجال الاقتصاد الإسلامي بالتعرف على الموقف الإسلامي من هذه الظاهرة، خاصة على مستوى العلاج لآثارها، بل ولحقيقتها، وبرصد ما قدمه الفقهاء والاقتصاديون المسلمون حيال هذه القضية نجدنا أما تنوعات واختلافات واسعة في الآراء، وبمنظور آخر نجدنا أمام العديد من الحلول المطروحة لعلاج هذه الظاهرة، يقف وراء كل حل مؤيده، ودلالة الموقف الراهن قد تكون في أن المسألة لمَّا تحسم بعد، وأنها في حاجة إلى خطوة تمكن المجمع الموقر من الوصول إلى قرار موثّق مؤصل حيال هذه القضية، وقد رأت أمانة المجمع أن هذه الخطوة تتمثل في القيام باستعراض علمي جيد لهذه الحلول المطروحة يجمع بين الدقة والموضوعية والتركيز، لا يقف عند مجرد الاستعراض، وإنما يقوّم ما تم من خلال النظر والتوجيه الفقهي والاقتصادي.