للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم الانتزاع لعضو

من مولود حي عديم الدماغ

إعداد

فضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد:

فقد أحاطت الشريعة الآدمي - لشرفه وكرامته - بأنواع من الحفظ والصيانة لآدميته منذ كونه ماء إلى مروره بأطوار تخلقه إلى تكونه جنيناً، وأناطت بذلك أحكاماً معلومة في محلها من فقه الشريعة.

وأناطت الشريعة أحكامه مولوداً بأن يولد فيستهل صارخاً فيكون حينئذ آدمياً محكوماً باستقرار حياته، فله ما للآدميين من حرمة وعصمة وإرث وهكذا.. بصرف النظر عن كونه ولد بأحسن تقويم أو ناقص الخلقة بأمر ظاهر كمخرج الأطراف أو باطن كعديم الدماغ، أو اختلال في أحشائه أو ولادته وهو: أعمى، أصم، أبكم.. فلو استقرت حياته لحظات ثم مات في أثنائها مورث له من أب أو أم لكان وارثاً شرعاً.

ولوجنى عليه جان لترتبت على الجاني أحكام الجناية شرعاً كترتبها على من جنى على بالغ راشد ... وهكذا من وسائل حماية الشرع لهذه الضرورة العظمى من ضروريات الحياة (حفظ النفس) .

وبناء على ذلك:

فالمولود ناقص الخلقة ظاهراً أو باطناً كالوليد عديم الدماغ، ويراد بعديم الدماغ (١) "الذي يولد وليس له قبو رأس، وليس له فصان مخيان، وإنما له جذع مخ يقوم على الوظائف الحيوية الأساسية من دورة دموية وتنفس بعد الانفصال حياً بالميلاد ولكنها حياة محدودة موقوتة ثم يموت بعد ساعات أو أيام أو أسابيع ... ".

هذا المولود: آدمي انفصل من بطن أمه حياً، ناقص الخلقة، واستقرت حياته فتثبت له أحكام المواليد مستوي الخلقة، سواء بسواء، طرداً لقاعدة التعايش وضروريات الحياة، وحفظ النوع الإنساني، وحرمته (آدمياً) ورعاية حرمة الشرع بتحريمه الاعتداء عليه، وينسحب عليه قول الله تعالى في [سورة المائدة: الآية ٣٢] : {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} .

هذا هو الأصل العام الذي تساق عليه أحكام هذا الباب في استبقاء الأنفس ورعاية الحرمات وهو من المسلمات، ومن استثنى مولودا ناقص الخلقة فقد قفى ما ليس له به علم، وأفتى بقتل الأحياء والأبرياء.


(١) بحث الطبيب حسان حتحوت عن: الوليد عديم الدماغ: ص ا.

<<  <  ج: ص:  >  >>