تعتبر الوديعة المصرفية تطويرا جديدا لمفهوم الوديعة سواء بالنسبة للفقه الإسلامي أم للقانون الوضعي.
فالأصل في الوديعة أنها أمانة تحفظ وترد ولكنها انصبت في العمل المصرفي على النقود ليس بقصد حفظها وردها بذاتها وإنما يهدف استعمالها إما على سبيل الافتراض أو سبيل الإذن بالاستعمال لغاية معينة.
وقد سبقت الممارسة العملية عند المسلمين التكييف الفقهي بالنسبة لمفهوم الوديعة المأذونة بالاستعمال.
فقد أورد ابن سعد في الطبقات الكبرى أن الزبير بن العوام –رضي الله عنه-فيما يرويه ابنه عبد الله أن الرجل كان يأتيه بالمال ليستودعه إياه، فيقول الزبير:(لا ولكن هو سلف، إني أخشى عليه الضيعة) . (١)
وجاء الفقه الإسلامي بتكييف واضح للعلاقات التعاقدية في مختلف حالات الإيداع التي يسمح فيها بالاستعمال انطلاقا من القاعدة الفقهية الواضحة: أن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.
(١) ابن سعد، الطبقات الكبرى، الجزء الثالث (بيروت: دار بيروت للطباعة والنشر، ١٩٥٧) ص ١٠٩.