للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيجار المنتهي بالتمليك

وصكوك التأجير

إعداد

الدكتور محمد جبر الألفي

أستاذ الفقه المقارن ونائب عميد كلية الشريعة والقانون جامعة اليرموك – الأردن

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

" الإيجار تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من الشيء المؤجر لمدة معينة لقاء عوض معلوم" (١) .

وعقد الإيجار من أكثر العقود أهمية "ولا يخفى ما بالناس من الحاجة إلى ذلك – الإجارة - فإنه ليس لكل أحد دار يملكها، ولا يقدر كل مسافر على بعير أو دابة يملكها، ولا يلزم أصحاب الأملاك إسكانهم وحملهم تطوعاً ... فلابد من الإجارة" (٢) .

وقد أصبح عقد الإيجار –في عصرنا الراهن- عصب الحياة الاقتصادية، ويؤدي إلى إشباع الحاجات المتزايدة، فهو –بالنسبة للمستأجر- يجعل منفعة الأعيان في متناول يده إذا كان في حاجة إليها ولا يمكنه شراؤها أو لا يرغب في ذلك لاستثمار رأس ماله فيما يعود عليه بنفع أكبر.

وهو بالنسبة للمؤجر يعتبر من المجالات الاستثمارية للأعيان المملوكة له مع احتفاظه بملكية هذه الأعيان. ولهذا أقبل المستثمرون على شراء المعدات الصناعية والأجهزة المتنوعة ووسائل النقل البري والبحري والجوي والأراضي والوحدات المعدة للسكنى أو الاستثمار، وتأجيرها للغير لقاء أجر مناسب مما جعلها من أحدث الوسائل الاستثمارية وأكثرها ربحاً (٣) .

وكلامنا عن الإيجار المنتهي بالتمليك يتناول –في مطلب أول- بيان ماهية هذا العقد وصوره التي أفرزها التطبيق العملي. ثم نبحث –في مطلب ثان- موقف القانون الأردني من الإيجار المنتهي بالتمليك. وفي المطلب الثالث والأخير نحاول استخلاص حكم الإيجار المنتهي بالتمليك في الفقه الإسلامي.

المطلب الأول

ماهية عقد الإيجار المنتهي بالتمليك وصوره

الإيجار المنتهي بالتمليك:

لا يختلف الفقه ولا القضاء في تحديد ماهية العقد إذا اتفق المتعاقدان على نقل ملكية شيء معين مقابل أقساط محددة تدفع خلال مدة معلومة، فهذا هو البيع بالتقسيط (Ventea Temperament) ، الذي أجازه الفقه الإسلامي واعتبره أحد صور بيع النسيئة (٤) ، ولكن يقع اللبس في تحديد ماهية العقد الذي يسميه الطرفان (عقد إيجار) ، مع أن نيتهما تكون قد انصرفت إلى حقيقة البيع، ليتمكن البائع من ترويج بضاعته حيث يبيعها بأقساط يسهل على المشتري دفعها، وفي نفس الوقت يحتفظ بملكية المبيع، حتى يحصل على القسط الأخير من ثمنه. وقد اتخذ هذا العقد عدة صور في الحياة العملية، نكتفي منها بثلاثة نماذج: البيع الإيجاري، والإيجار المقترن بوعد بالبيع، والتمويل الإيجاري.

أ-البيع الإيجاري (٥) (Hire – Purchase) أو (Location – Vente) :

تتلخص فكرة (البيع الإيجاري) في التعاقد على شيء، يتفق الطرفان على أنه مؤجر لمدة معلومة لقاء أجر دوري محدد، بحيث إذا دفع المستأجر هذا الأجر كله أصبح الشيء مملوكاً له في نهاية المدة، أما إذا أخل بشروط التعاقد فإن العقد ينفسخ، ويعود الشيء إلى المؤجر، ولا يسترد المستأجر شيئاً مما دفعه.


(١) المادة (٦٥٨) من القانون المدني الأردني. نقابة المحامين – عمان، المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني، إعداد المكتب الفني، بإدارة المحامي إبراهيم أبو رحمة: ٢/٥٥١.
(٢) ابن قدامة، المغني المطبوع مع الشرح الكبير: ٦/٣.
(٣) محمد الألفي، عقد الإيجار في ضوء قانون المعاملات المدنية وأحكام الفقه الإسلامي، العين: ١٩٩٤ –١٩٩٥، ص ٧.
(٤) الشافعي، الأم: ٣/٨٦ وما بعدها؛ ابن قدامة، المغنى والشرح الكبير: ٤/٢١٩؛ وانظر رفيق يونس المصري، بيع التقسيط، دمشق – بيروت ١٤١٠ / ١٩٩٠؛ إبراهيم أبو الليل، البيع بالتقسيط، الكويت ١٩٨٤.
(٥) إبراهيم أبو الليل المرجع السابق، ص ٣٠٣ – ٣١٠؛ وانظر أيضاً: L. Aynes Location Vente. In Jur. Cl. Com. Distribution, Fasc, ٧٦٠, ١٩٨٤, R.M Goode Here – Purchase. Law and Practic. London. ١٩٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>