الحمد لله رب العالمين وحده لا شريك له، والصلاة والسلام على رسوله الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تمسك بسنته والتمس الرشاد في هديه إلى يوم الدين.
وبعد: سادتي العلماء.. وشيوخي الأفاضل..
أقف بين أيديكم موقف المتهنئ لإلقاء كلمة حول الموضوع الذي اخترته من ضمن المواضيع التي ستدرس وتناقش في دورتنا هذه ولعله يكون مساهما في حركة المجمع الفقهي وأرجو أن يكون في محل الثقة عند سعادتكم، وإذا كان الصواب فمن الله تعالى، وإذا كان الخطأ فكلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون.
فالموضوع هو: تنظيم النسل وتحديده
سبب اختياري لهذا الموضوع: هو أن المجتمع الإسلامي في عصرنا الحاضر يعيش بين التيارات المعادية للإسلام من أهل الباطل والضلال وأصحاب الأهواء والمتجبرين في الأرض، ويخطئ من يظن أن الحرب بين الإسلام وأعدائه قد وضعت أوزارها وإنما بالعكس فالحق أن أعداء الإسلام يدبرون لحربه كل يوم وسيلة من وسائلهم المختلفة إما في الفكر أو الثقافة أو المذهب أو العادات والتقاليد؛ لأن أكثر المعارك الآن تخطيط يتناول مظاهر حياة المسلمين كلها ابتداء من تغيير الزي وتغيير العادة إلى تغيير الخلق والسلوك وانتهاء بتغيير منهج الله وشريعته في المجتمع.
أيها السادة والشيوخ..
ما هذا الإنسان؟ مم خلق؟ وكيف كان؟ وكيف صار؟ وكيف قطع رحلته الكبيرة حتى جاء إلى هذا الكوكب؟
ألم يك نطفة من الماء، من منيٍّ يُمْنَى ويراق؟ ألم تتحول هذه النطفة من خلية صغيرة إلى علقة ذات وضع خاص في الرحم، تعلق بجدارنه لتعيش وتستمد الغذاء؟ .. فمن ذا الذي ألهمها هذه الحركة؟ ومن ذا الذي أودعها هذه القدرة؟ ومن ذا الذي وجهها هذا الاتجاه؟ ثم من ذا الذي خلقها بعد ذلك جنينا معتدلًا منسق الأعضاء؟ مؤلفًا جسمه من ملايين الملايين من الخلايا الحية، وهو في الأصل خلية واحدة مع بويضة.