للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوفاء بالوعد

إعداد

الشيخ شيت محمد الثاني

عضو مجمع الفقه الإسلامي

بجدة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي فرض على العباد أداء الأمانة وحرم عليهم المكر والخيانة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من يرجو بها النجاة يوم القيامة وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي ختم الله به الرسالة صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الموصوفين بالعدالة وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فقد اخترت أن أكتب في هذا الموضوع الشريف وهو: الوفاء بالوعد الذي هو فضيلة من الفضائل الحميدة المطلوبة من المؤمنين، لأنه أمانة فرضها الله تعالى كرد الودائع وأمرهم أن يؤدوها حق الأداء وأوجب عليهم حفظها لأنها اعظم وسائل الفلاح والنجاح، ومن الوفاء بالوعد أن يوجب الإنسان على نفسه شيئًا يتبرع به من عبادة أو صدقة أو دين أو نذر أو غير ذلك، أو وعد به أخاه من إيجاب المكلف على نفسه من الطاعات مما لو لم يوجبه على نفسه لم يلزمه، وإذا نذر شخص شيئًا بنفسه فعليه أن يوفي نذره، وقد قال الله تعالى في شأن المؤمنين الصالحين {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان (٧) ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى)) .

فالمؤمن لابد له من الوفاء بالوعد الذي أوجبه على نفسه، وكان المثل يضرب بوفاء العربي، لأن قبائل العرب كانوا يحفظون العهد ويوفون بالوعد ويكرهون الغدر، وفي الكتب الأدبية والتاريخية أمثلة كثيرة تدل على مغالاة العرب في الوفاء بالوعد وحفظ الأمانة، ولا عجب: فالأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.

إن ضياع الوفاء وضياع الأمانة سبب ضياع الأمور بين عالمنا اليوم، ولعدم الوفاء يخون المرء بني جنسه ويضيع الأمن بين الزوج والزوجة وبين المعلم وتلامذته وكذلك بين البائع والمشتري وبين الحكومة وموظفي الدولة وبين الأئمة في المساجد وجماعاتهم، وبين سائقي السيارات والطائرات وركابها وبين المحب وحبيبه، فكان ذلك مما يسبب تأخر المسلمين وعدم الاستقامة في العالم أجمع، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>