للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا أردنا عزة الإسلام ورفعة شأنه الأعلى، فعلينا بالوفاء وحفظ الأمانة حتى تكون معاملتنا مع الغير مأمونة محفوظة في إنشاء المصانع والمكاتب والمطابع والأسواق المالية والمعاملات في البيع والشراء والبنوك الإسلامية وبناء المساجد والمنازل والمساكن للضيوف والمسافرين ومستأجريها.

وقد حثنا الإسلام على الوفاء بالوعد وحفظ الأمانة حتى نكون مسلمين بمعنى الإسلام، ومن الناس من ليسوا مسلمين وكان لديهم الإسلام ولكن في التعامل، وقد علمنا في الحقيقة أن الدين الإسلامي دين الدنيا والآخرة إرشادًا وتعليما.

لا شك أن للوفاء بالوعد وحفظ الأمانة آثارًا ظاهرة في حياة الإسلام والمسلمين، وما تؤكده أصوات المؤمنين التي ترتفع في الحاضر داعية إلى الأخذ بأحكام الدين منهاجًا للحياة يحمي المجتمع الإسلامي من التيارات، ولا شك أن الرغبة الشديدة لدى الشعوب المسلمة في العودة للأخذ بأحكام الدين، من شأنها أن تمهد الطريق أمام الكثير من القيم والأخلاق والفضائل التي أولها الوفاء بالوعد وحفظ الأمانة، لتأخذ مكانها في حياة الناس دون اضطراب أو قلاقل، لأن الواقع المعاصر داخل بلاد العالم الإسلامي يؤكد وجود صحوة إسلامية طيبة تتمثل في الرغبة القوية لدى الشعوب المسلمة في العودة إلى أحكام الدين الحنيف، وعلينا أن لا نفرح أنفسنا إلى أقوال الذين قالوا إن أكثر الذين تمسكوا بالدين أقل أخلاقًا من الذين تخلوا عنه وتمسكوا بعلم الأخلاق، وفي الحقيقة أنهم بنوا حكمهم هذا على قياس الاستقراء والتمثيل غير أن كلامهم هذا لا يرفض كله كما لا يقبل كله.

وقد قيل إن الغربيين اليوم أحسن أخلاقًا في الوفاء بالوعد وحفظ الأمانة وأدائها مع حسن المعاملة في البيع والشراء وفي الصناعات ورعاية حقوقها، ومن أراد التحقيق فليقارن بين معاملة التجار المسلمين وبين معاملة التجار الغربيين في أوروبا وأمريكا يجد الفرق واضحًا، وكذلك الأمر في الأعمال الإدارية، ولعل ذلك مما حمل الإمام محمد عبده على القول عند رجوعه إلى بلاده من أوروبا في أوائل هذا القرن: " وجدت هناك الإسلام ولا مسلمين، وهنا المسلمين ولا إسلام" فإن واجب المسلمين في هذا المجال عظيم ولا بد من الانطلاق لتحقيق الغايات المرجوة، ويجب اعتماد القيم والتعليم الإسلامي منهاجًا لتيسير حياة الناس في هذه الآونة.

وإذا كانت الرغبة الشديدة لدى الشعوب المسلمة في العودة للأخذ بأحكام الدين الإسلامي، فعلينا أن نرجع إلى الوفاء بالوعد وحفظ الأمانة الذي أمرنا بهما القرآن الكريم والسنة المطهرة، ومن الناس من هو ظالم لنفسه ويحسبون أنهم يحسنون صنعا، كبعض أئمة الجوامع وجماعاتهم يطلبون مساعدات مادية كانت أو معنوية لبناء المساجد أو المدارس أو لفتح المصنع الجديد، ومنهم الذين يجمعون الزكاة من أصحابها ويعدون بتوزيعها للفقراء والمساكين واليتامى وأبناء السبيل، ولا يوفون بالوعد ولا يؤدون الأمانة إلى أهلها، ويقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، وينسون قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل (.٩) ] ، وفي الحديث الشريف: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".

<<  <  ج: ص:  >  >>